المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

381

ورابعاً: أنّ ما مضى من إشكال شمول ردع الحديث لنفسه الذي أكملناه ببيان منّا لا يأتي هنا بعد فرض الالتفات إلى ما سيأتي ـ إن شاء الله ـ: من عدم تماميّة آيتي النبأ والنفر على حجّيّة خبر الواحد، فإنّ هذا الحديث إنّما ردع عمّا يخالف الكتاب، وهو بنفسه ليس مخالفاً للكتاب(1).

إذن فهذه الرواية خير رواية في مقام إسقاط الخبر المخالف للكتاب ولو بالأخصّيّة عن الحجّيّة.

وما يدّعى: من أنّ المخالفة في نفسها لا تشمل المخالفة بالعموم والخصوص المطلق؛ لأنّ الخاصّ ليس بحسب الفهم العرفيّ معارضاً للعامّ غير صحيح، فإنّه لو


بالحكومة، من قبيل ما لو وردت رواية تدلّ على شرطيّة الطهارة أو مانعيّة الحدث في جميع العبادات، فإنّها تقدّم على إطلاق جميع أدلّة العبادات لو كانت مطلقة.

وأضاف في كتاب تعارض الأدلة علاجاً آخر، وهو: أنّ القدر المتيقّن من روايات الردع عمّا خالف الكتاب هو خبر الثقة باعتباره الفرد البارز والمتعارف والداخل في محلّ الابتلاء وقتئذ الذي كان تترقّب مخالفته للكتاب تارةً وموافقته له اُخرى، فلا يمكن تخصيصها بغير خبر الثقة، فهي بحكم الأخصّ.

أقول: لو التزمنا بأنّ دليل حجّيّة خبر الثقة لا يشمل في نفسه الخبر المخالف للكتاب بمثل التباين أو العموم من وجه ـ وإن شمل الخبر المخالف له بمثل الأخصّيّة ـ عادت النسبة بينه وبين رواية الردع عمّا خالف الكتاب عموماً من وجه، ويبقى عندئذ الجواب بالحكومة.

(1) يمكن أن يقال: إنّ هذا الحديث وإن لم يكن مخالفاً للكتاب ولكنّه مخالف للسنّة القطعيّة الدالّة على حجّيّة خبر الواحد. فبناءً على مذاق اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)من التعدّي من الكتاب إلى السنّة القطعيّة يعود هنا إشكال شمول ردع الحديث لنفسه.