المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

380

من الاقتحام في الهلكة. إنّ على كلّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه»(1). فهذه الرواية مستجمعة لجميع النكات المطلوبة في مقام إثبات عدم حجّيّة الخبر المخالف للكتاب ولو بالأخصّيّة، فهي:

أوّلاً: صحيحة السند ومشمولة للسيرة العقلائيّة.

ثانياً: أنّ مدلولها نفي الحجّيّة، لا نفي الصدور، لتكون مختصّة بمرتبة خاصّة من المخالفة، فإنّ الموجود فيها الأمر بالترك والنهي عن العمل، ويكون ذلك مساوقاً لإسقاط الحجّيّة، وليس ذلك ناظراً إلى الإخبار عن عدم المطابقة للواقع.

وثالثاً: أنّ هذه الرواية مخصوصة بخصوص باب الأحكام بقرينة ما في صدرها: من أنّ «الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة»، فالنسبة بين هذه الرواية والسنّة القطعيّة الدالّة على حجّيّة خبر الثقة في الأحكام هي الأخصّيّة مطلقاً لا العموم من وجه، حتّى يرد عليها الإشكال السابق في رواية ابن أبي يعفور(2).

 


(1) الوسائل، ج 18، ب 9 من صفات القاضي، ح 35، ص 86.

(2) ذكر اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في بحث التعادل والتراجيح أنّه يمكن أن يقال: إنّ عنوان (ما خالف كتاب الله) لا يختصّ بالأخبار، بل يشمل غيرها من قبيل القياس والشهرة والإجماع المنقول وغير ذلك ممّا خالف الكتاب سواء كان حجّة في نفسه أو لا. إذن فالنسبة بين هذه الرواية ودليل حجّيّة خبر الثقة هي العموم من وجه لا العموم المطلق.

وذكر (رضوان الله عليه) في علاج ذلك: أنّ كون النسبة العموم من وجه لا تمنع عن تقديم هذه الرواية؛ لأنّ هذه الرواية تبيّن المانعيّة، أي: تجعل مخالفة الكتاب مانعة عن الحجّيّة في كلّ ما تفترض حجّيّته لولا المانع، فلها نظر إلى كلّ أدلّة الحجّيّة، فتقدّم عليها