المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

31

وأمّا مقدّميّة هذا الإبراز للفعل ـ بمعنى توقّف الفعل عليه في لوح الواقع بحيث لا يوجد في الخارج الفعل لو لم يوجد الإبراز المطابق للواقع مثلاً ـ فهي ثابتة سواء تحقّقت الإرادة من المولى أو لا، فما هو في طول إرادة المولى إنّما هو وجود الانكشاف لا مقدّميّة الانكشاف، فحال هذه المقدّمة هي حال سائر مقدّمات الفعل التي تحرّك إرادة الفعل نحوها؛ وذلك لأنّ نكتة المحرّكيّة نحو المقدّمة هي مقدّميّتها لاوجودها. كيف لا؟! ووجود الشيء إنّما يكون موجباً لانتهاء أمد التحرّك نحو إيجاده وانتفائه لا موجباً لوجوده(1).

 


(1) وثالثاً: هب أنّ مقدّميّة شيء كانت في طول إرادة المولى، فلماذا يكون هذا سبباً لعدم تحريك تلك الإرادة نحو تلك المقدّمة؟ علماً بأنّ تحريك تلك الإرادة تكون بمعنى خلقها لإرادة ثانية تتعلّق بالمقدّمة، لا بمعنى تعلّقها هي بالمقدّمة كي يستحيل تعلّقها بما في طولها، فمثلاً لو كانت إرادة المولى لكون العبد على السطح سبباً لمقدّميّة وضع الدرج للكون على السطح، فلولا إرادة المولى لذلك لكان العبد قادراً على الكون على السطح بلاحاجة إلى الدرج، ولكن إرادة المولى لكون العبد على السطح خلقت هذه المقدّميّة، أفلا يشتاق المولى عندئذ إلى وضع الدرج، رغم علمه بأنّ مطلوبه قد توقّف لأيّ سبب من الأسباب على وضعه؟

إلّا أنّ الذي أفهمه من كلام المحقّق العراقي(رحمه الله) في مقالاته هو غير ما فهمه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله)من كلامه، فليس المفهوم من كلامه(رحمه الله)افتراض أنّ المقدّمة التي تكون مقدّميّتها في طول إرادة المولى لا تترشّح إليها الإرادة، كما أنّه لم يذكر هنا شيئاً عن عدم الوجوب المقدّميّ لإرادة المكلّف للفعل الواجب (على أنّ مقدّميّتها ليست في طول إرادة المولى، وإنّما هي ذاتها في طول إرادة المولى).

وإنّما الذي أفهمه من كلامه(رحمه الله) هو: أنّ الخطاب إنّما يدلّ على فعليّة الحكم وإرادة المولى له ولمقدّماته بقدر المقدّمات التي ليس وجودها في طول الخطاب، أمّا المقدّمة