المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

29

كطيّ المسافة الذي هو مقدّمة للحجّ مثلاً، بلاربط لذلك بتعلّق إرادة المولى بالحجّ وعدمه.

والقسم الثاني: ما يكون مقدّمة للفعل في طول تعلّق إرادة المولى بالفعل، وهذه المقدّمة تارةً تكون راجعة إلى المولى، كإبراز المولى إرادته بالخطاب، فهو مقدّمة لصدور الفعل من العبد؛ إذ به يتنجّز الحكم على العبد، ويتحرّك بذلك نحو الفعل. وليس هذا الإبراز مقدّمة للفعل بما هو فعل، بل هو مقدّمة له في طول تعلّق إرادة المولى به؛ إذ إنّما يكون ذاك الإبراز مقدّمة بما هو كاشف عن الإرادة المولويّة، والكاشف يكون في طول المنكشف. واُخرى تكون راجعة إلى العبد، كإرادة العبد للفعل، فإنّها من المقدّمات التي تكون في طول إرادة المولى؛ إذ هي التي توجب انقداح الداعي والإرادة في نفس العبد. هذه هي المقدّمة.

وبعد ذلك نقول: إنّ إرادة الفعل إنّما تكون محرّكة نحو مقدّمات الفعل التي ليست في طول الإرادة، ولا تحرّك نحو المقدّمات التي هي في طولها؛ لاستحالة محرّكيّة الشيء نحو ما يكون في طوله. وعلى هذا الأساس يقول المحقّق العراقي(رحمه الله): إنّه تستثنى في وجوب المقدّمة من تمام المقدّمات إرادة الفعل، فهي لا تتّصف بالوجوب المقدّميّ؛ لكونها في طول إرادة المولى. هذا بلحاظ المقدّمات الراجعة إلى العبد.

وكذلك الكلام بلحاظ ما يرجع إلى المولى، فإبراز المولى إرادته بالخطاب لا يعقل تحرّك المولى نحوه بنفس إرادة الفعل؛ لكونه في طولها، وإنّما يكون تحرّكه نحوه بإرادة اُخرى في عرض تلك الإرادة، وهذه الإرادة الثانية تختلف باختلاف شدّة ملاك الفعل وضعفه، فقد يكون ملاك الفعل قويّاً إلى حدّ تتعلّق إرادة المولى بسدّ كلّ أبواب العدم الراجعة إلى نفسه، فيبرز إرادته للفعل ويوصلها إلى العبد بأيّ نحو أمكن من الخطاب الواقعيّ، وجعل وجوب الاحتياط، وعنوان صدّق العادل،