المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

261

لأجل إثبات موارد استعمال اللفظ، واُخرى يكون لتشخيص المعنى الحقيقيّ للكلام، ولا تتمّ حجّيّة قول اللغويّ في شيء من المقامين:

أمّا في المقام الأوّل ـ وهو إثبات موارد الاستعمال ـ: فالذي يستفاد من مجموع الكتب الرسميّة للمحقّقين الإشكال على ذلك بوجهين:

أحدهما: ما يستظهر من عبارة المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)(1)، وهو: أنّ مجرّد معرفة موارد الاستعمال لا يفيد الفقيه، وإنّما الذي يفيده هو تمييز الظاهر منها من غير الظاهر، أي: تمييز الحقيقة عن المجاز كي تترتّب على ذلك حجّيّة الظهور فيعمل به.

والثاني: ما يستفاد من كلمات المحقّقين المتأخّرين، وهو: أنّنا لو قلنا بحجّيّة قول اللغويّ فإنّما هو على أساس سيرة العقلاء القائمة على الرجوع إلى أهل الخبرة، وهذا هو الدليل المهمّ الذي استند إليه المتقدّمون من علماء الاُصول للقول بحجّيّة قول اللغويّ، بينما هذا لا يتمّ في المقام، فإنّ حجّيّة قول أهل الخبرة عقلائيّاً إنّما تكون في الخبرات الحدسيّة كخبرة الطبيب والمهندس والفقيه، أمّا في الخبرات الحسّيّة ـ من قبيل موت زيد وحياة عمرو ـ فلا يعتمد على الإخبار عن ذلك إلّا بلحاظ الشهادة، فيعتبر فيه ما يعتبر في الشاهد: من العدالة والتعدّد بناءً على عدم قبول خبر الواحد في الشبهات الموضوعيّة، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ إخبار اللغويّ عن موارد الاستعمال إخبار عن حسّ، أو ما يقرب من الحسّ، وليس إخباراً حدسيّاً.

وأمّا في المقام الثاني ـ وهو إثبات المعنى الحقيقيّ الموضوع له الكلام في قبال المعنى المجازيّ ـ: فالمتحصّل من كلماتهم هنا أيضاً وجهان في بيان عدم جواز الرجوع إلى قول اللغويّ:

أحدهما: أنّ أهل اللغة ليسوا من ناحية تعيين المعنى الحقيقيّ وتمييزه عن


(1) في تعليقته على الرسائل.