المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

260

عن طريق الظهور الفعليّ، والشارع أمضى ذلك، فما هو الحجّة أوّلاً في نظر العقلاء لإثبات مراد المتكلّم هو الظهور اللغويّ؛ لأنّه الكاشف عن المراد، ولكن الطريق للوصول إلى الظهور اللغويّ في نظر العقلاء هو الظهور الفعليّ، فمن الطبيعيّ أنّ كلّ واحد منّا يعيش ظروفه الخاصّة وخصوصيّاته المعيّنة، ويحتمل الفرق بين الظهور اللغويّ والظهور الفعليّ، فجعل الظهور الفعليّ أمارة على الظهور اللغويّ. ولعلّ الوجه في جعله أمارة تعبّديّة من قِبَل العقلاء: أنّ احتمال الفرق بين الظهور الفعليّ والظهور اللغويّ في نظرهم موهون جدّاً ولو لأجل عدم تنبّههم إلى تمام الخصوصيّات التي يحتمل أن يكون لها دخل في تكوين الظهور الفعليّ، وعدم التفاتهم إلى أنّ الخصوصيّات الشخصيّة لها تأثير مفصّل في ذلك(1).

 

2 ـ قول اللغويّ:

الطريق الثاني لإثبات الظهور: هو قول اللغويّ. يظهر من الكفاية وغيرها من الكتب الرسميّة أنّ الإفتاء بحجّيّة قول اللغويّ كان مشهوراً حتّى ادّعي عليه الإجماعات في ألسنتهم، وجعل الإجماع ـ مثلاً ـ أحد الأدلّة على حجّيّته، إلّا أنّه لدى المتأخّرين انقلب القول عن الحجّيّة إلى القول بعدمها.

وخلاصة ما يظهر من كلامهم بهذا الصدد: إنّ التمسّك بقول اللغويّ تارةً يكون


(1) ومن هنا قد يمكن إثبات الحقيقة والمعنى الموضوع له بالتبادر إثباتاً تعبّديّاً، وذلك فيما لو افترضنا أنّ التبادر كان ثابتاً، ولم نكن نحتمل استناده إلى القرينة ولكنّنا كنّا نحتمل استناده إلى شؤون شخصيّة لنا لا تمت إلى نظم اللغة بصلة، أو إلى عدم استيعابنا لتمام النكات اللغويّة وأساليب المحاورة، فعندئذ ننفي ذلك بالأماريّة العقلائيّة للظهور الفعليّ، وتثبت بذلك الحقيقة بعد أن كان المفروض القطع بعدم استناد التبادر إلى القرينة.