المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

253

لاحتفافه بما يصلح للقرينيّة، فنرجع في كليهما إلى البراءة عن وجوب الإكرام، وإن قلنا بمسلكنا: من أنّ العبرة بالظهور اللغويّ، فنحن نعلم إجمالاً بثبوت الظهور اللغويّ في أحدهما لغرض عدم إرادة التخصيص من ذيله، فيتشكّل عندنا علم إجماليّ بقيام الحجّة على وجوب إكرام أحدهما، فيجب العمل بمقتضى قوانين العلم الإجماليّ.

وهذا المثال بنفسه دليل على صحّة مسلكنا؛ إذ لا يشكّ أحد في أنّ العقلاء في مثل هذا المورد يطبّقون قوانين العلم الإجماليّ ولا يرجعون إلى أصالة البراءة، وهذا دليل على أنّ موضوع الحجّيّة عندهم إذن هو الظهور اللغويّ لا الظهور الفعليّ.

والآن نبدأ ببحث الطرق التي ذكرت لإثبات الظهور:

 

1 ـ التبادر:

الطريق الأوّل: هو التبادر، فيقال: إنّ تبادر معنى من اللفظ إلى الذهن ـ لو كان من حاقّ اللفظ وغير مستند إلى القرينة ـ علامة الوضع والحقيقة؛ لأنّ التبادر له علّتان لا غير: الوضع والقرينة، فإذا انتفى الثاني انحصر الأمر في الأوّل، وكشف التبادر عن الوضع كشف المعلول عن علّته.

وعلّق على هذا الكلام في كلمات المحقّقين بتعليقات ثلاث:

التعليق الأوّل: أنّنا لا يهمّنا استكشاف الوضع اللغويّ، فإنّ مناط الحجّيّة هو الظهور الفعليّ لا الظهور اللغويّ.

وهذا التعليق فرغنا سابقاً عن تحقيق حاله، وظهر أنّ مناط الحجّيّة هو الظهور اللغويّ بالمعنى الذي عرفت.

التعليق الثاني: ما هو مذكور في الكفاية من لزوم الدور؛ لأنّ التبادر معلول للعلم بالوضع، فكيف يوجب العلم بالوضع؟!