المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

249

 

وسائل إثبات الظهور

وأمّا المقام الثاني: فنتكلّم فيه ـ بعد الفراغ عن حجّيّة الظهور ـ في أنّ الظهور إذا شكّ في وجوده فما هو طريق تعيينه وإحرازه؟

وقبل أن ندخل في صلب البحث لابدّ من دفع توهّم مشهور في المقام قد يخطر في قبال عنوان هذه المسألة، وهو ما قد يقال: من أنّه لا معنى لطرح هذه المسألة بهذه الصياغة؛ لأنّ الظهور الذي هو موضوع للحجّيّة ليس أمراً غيبيّاً يشكّ فيه، وذلك بناءً على ما استقرّ به الرأي بين المحقّقين المتأخّرين: من أنّ أصالة الحقيقة ليست أصلاً تعبّديّاً، وإنّما هي بملاك الظهور الفعليّ للّفظ، والظهور الفعليّ للّفظ ليس له وعاء ووجود إلّا وعاء ذهن السامع وانسباق ذهنه إلى معنى معيّن من اللفظ، فهو بمنزلة الاُمور المعلومة بالعلم الحضوريّ، فإن كان للّفظ ظهور بالفعل في ذهنه، فلا يتصوّر شكّ من قِبَله في الظهور، وإلّا فلا ظهور جزماً، وإنّما يصحّ فرض الشكّ بناءً على حجّيّة أصالة الحقيقة من باب التعبّد، بأن يكون موضوع أصالة الحقيقة هو الوضع، والوضع يقع محلاًّ للشكّ، كما نشكّ في أنّ الصعيد ـ مثلاً ـ موضوع لأيّ معنىً من المعاني، وعلى هذا النزاع بين المتقدّمين والمتأخّرين بنيت مسألة احتمال قرينيّة المتّصل، فلو كانت العبرة في أصالة الحقيقة بالوضع، فقرينيّة المتّصل لا تنافي ثبوت الوضع، ومع ثبوت الوضع تجري أصالة الحقيقة مادمنا نحتمل إرادة الحقيقة، ولكن بما أنّ العبرة بالظهور الفعليّ لا بالوضع، فالاحتفاف بمحتمل القرينيّة لا يُبقي مجالاً للحجّيّة؛ لأنّه يُفني أصل الظهور، وبما أنّ الصحيح هو المبنى الثاني، فلا مجال لطرح هذه المسألة في المقام بعنوان الشكّ في الظهور، بل لابدّ من طرح عنوان آخر. هذا ما ينتزع من كلمات القوم من التوهّم بالنسبة لطرح هذه المسألة بعنوان الشكّ في الظهور.