المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

244

إذن فهذه الروايات بحدّ ذاتها من أحسن الأدلّة على حجّيّة ظهور الكتاب، وإنّ الكتاب حجّة قبل الخبر لا حجّة بلحاظ الخبر.

نعم، هذه الطائفة تقع طرفاً للمعارضة مع الطائفة التي استدلّ بها الأخباريّون ـ لو تمّت ـ وتقدّم عليها إن صحّ ما ادّعي: من تواترها؛ وذلك لما سيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ في بحث التعادل والتراجيح: من أنّ الخبر غير القطعيّ وإن كان حجّة في نفسه لا يعارض الخبر القطعيّ، كما لا يعارض القرآن(1).

الطائفة الرابعة: الأخبار التي جاء فيها الاستدلال من قِبَل الإمام(عليه السلام)بجملة من الآيات على جملة من الأحكام، فلو لم تكن ظواهر الكتاب الكريم حجّة فكيف يستدلّ بتلك الظواهر في قبال الآخرين؟!

والاستدلال بهذه الطائفة من الأخبار يتوقّف على أن نقول: إنّ مراد الإمام(عليه السلام)من الاستدلال بتلك الآيات على الحكم الشرعيّ هو الاحتجاج مع الطرف المقابل وإقناعه بإرجاعه إلى أصل مشترك بينه وبين الإمام(عليه السلام)، أمّا إذا قيل بأنّ من المحتمل كون ذلك تفسيراً من قِبَل الإمام(عليه السلام) للقرآن فلا يتمّ الاستدلال بهذه الأخبار، وهذا الاحتمال جار في أكثر روايات هذه الطائفة، نستثني منها رواية واحدة، وهي رواية عبد الأعلى مولى آل سام الذي سأل الإمام(عليه السلام) عن رجل انقطع ظفره فوضع عليه مرارة، فماذا يصنع بلحاظ المسح؟ قال(عليه السلام): هذا وأمثاله يعرف من كتاب الله ﴿مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج﴾ امسح على المرارة.


(1) وإن لم تتمّ دعوى التواتر كفى في تقديمها على روايات النهي عن التفسير بالرأي ـ لو تمّ دلالتها على مدّعى الأخباريّ ـ الأخصّيّة أو ما في حكمها، بناءً على عدم إمكان تخصيصها بما خالف نصّ الكتاب؛ لأنّ الكذّابين كانوا عادة لا يكذبون بما خالف نصّ الكتاب.