المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

240

بموجبه، فإنّها تدلّ على وجوب الأخذ بكلّ دلالة قرآنيّة نصّاً أو ظهوراً. وقد ذكرنا هذه الطائفة أيضاً فيما سبق في قبال بعض التفصيلات الاُخرى في حجّيّة الظهور كدليل على إبطال التفصيل.

ثُمّ لو لوحظت النسبة بين هذه الطائفة وروايات المنع عن تفسير القرآن بالرأي بعد تسليم دلالتها على نفي حجّيّة ظهور الكتاب وصلاحيّتها للردع عن ذلك، فالنسبة بينهما عموم من وجه، فمادّة الافتراق لتلك الأخبار هي تفسير المجمل بأحد معنييه، ومادّة الافتراق لهذه الأخبار هي الأخذ بالنصّ، ومادّة الاجتماع هي حمل الكلام على ظاهره، فتتعارضان في ذلك وتتساقطان، وبعده لا يمكن الرجوع إلى سيرة العقلاء بحجّة سقوط الرادع؛ لما مضى منّا في بحث السيرة: من أنّ سيرة العقلاء إنّما تصبح حجّة بالإمضاء، والإمضاء يستكشف من عدم الردع، فلابدّ من إحراز عدم الردع والجزم به، ومجرّد احتمال الردع يسقطها عن الحجّيّة؛ لأنّه يعني احتمال عدم الإمضاء، ولذا قلنا: (لو جاء دليل غير تام الحجّيّة صالح ـ على تقدير صدوره من المعصوم ـ للردع فمجرّد احتمال صدوره والردع به يكفي لسقوط السيرة عن الحجّيّة)، وما نحن فيه كذلك بعد فرض صلاحيّة تلك الأخبار على تقدير صدورها للردع، وإن كانت هي بالفعل غير حجّة لابتلائها بالمعارض.

أمّا استصحاب عدم الردع الثابت في أوّل الشريعة فهو عبارة عن استصحاب عدم النسخ، ويتوقّف على قبول استصحاب عدم النسخ في محلّه(1).


(1) عدم الردع بالمعنى الملازم للإمضاء يكون استصحابه من الأصل المثبت، فلابدّ من أن يكون المقصود استصحاب عدم نقض الإمضاء، وهذا رجوع إلى استصحاب عدم النسخ.