الأئمّة(عليهم السلام)الملقاة على مثل هؤلاء الذين يعيشون في مثل هذا الجوّ لم يكن يفهم منها إلّا نفس ذلك المصطلح الذي كان عنواناً لاتّجاهات معيّنة ومشخّصة في الفقه والاستنباط والتفسير، ليس بمجازف.
ولو فرض أنّ شخصاً لم يحصل له الاطمئنان من ملاحظة مجموع هذه الظروف والملابسات التأريخيّة بأنّ المراد بالرأي هو المعنى المصطلح، واحتمل أنّ المراد به هو معناه اللغويّ، فأراد أن يجري أصالة بقاء ظهور اللفظ على معناه السابق، فسوف يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ في بحث أوجه الوصول إلى صغرى الظهور: إنّ مثل هذا الأصل في مثل هذا المورد لا يأتي؛ لنكتة عامّة نبيّنها هناك إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: مأخوذ من بحثنا في السيرة، وهو: أنّه لو سلّم شمول إطلاق مثل هذه الروايات لحمل اللفظ على المعنى الظاهر فهذا الإطلاق لا يصلح للردع عن حجّيّة الظهور، فإنّ إطلاق دليل وإن كان يصلح أن يكون بياناً لحكم شرعيّ نفياً أو إثباتاً فيما إذا كان ذلك الحكم الشرعيّ تعبّديّاً في نفسه كوجوب السورة وعدمها، ولكن حجّيّة ظهور القرآن الكريم ليست حكماً شرعيّاً ابتدائيّاً تعبّديّاً، وإنّما هي مطلب عقلائيّ على طبق القريحة العقلائيّة المركوزة المستحكمة في أذهانهم بارتكازهم الجبلّي والمناسبات التي فطروا عليها في تعايشهم، وقد قلنا في بحث السيرة: إنّ الردع عن السيرة يكون بملاك التحفّظ على الغرض، فلابدّ أن يكون مناسباً لمقدار استحكامها حتّى يحصل التحفّظ على الغرض. ومن هنا أشرنا سابقاً إلى أنّ إطلاق الآيات الناهية عن العمل بالظنّ مثلاً، لا يمكن أن يكون رادعاً عن حجّيّة خبر الواحد بعد فرض أنّها مورد للسيرة العقلائيّة. وعلى هذا فكيف يعقل الاكتفاء في الردع عن مثل السيرة العقلائيّة في باب حجّيّة الظهور المستحكمة الجذور في أذهانهم بإطلاق مثل هذه الروايات التي نحتاج إلى البحث في مقام بيان أنّه هل لها إطلاق، أو لا؟