المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

237

فهذا الجواب بحسب الحقيقة ليس جواباً فنّيّاً في المقام؛ لأنّه لم يلحظ فيه إلّا الظواهر التي ليس عليها قناع، ولا يختلف في فهمها أحد، ولعلّ الأخباريّين أيضاً لا يقولون بعدم جواز العمل بمثل هذه الظواهر من القرآن.

ونحن نجيب على الاستدلال بروايات النهي عن التفسير بالرأي بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: مأخوذ ممّا بيّنّاه في بحث حجّيّة الدليل العقليّ وعدمها، حيث استدلّ الأخباريّون هناك على عدم الحجّيّة بالروايات التي تنهى عن العمل بالرأي بقول مطلق في الأحكام الشرعيّة، وهنا استدلّوا على عدم حجّيّة ظهور القرآن بالروايات الناهية عن تفسير القرآن بالرأي، وقد قلنا هناك: إنّ كلمة (الرأي) وإن كان معناها اللغويّ الأصليّ هو النظر مثلاً، أو ما يقرب من ذلك في المعنى، إلّا أنّ الذي يطالع مجموع الروايات الواردة في باب الرأي، ويطالع عصر هذه الروايات يعرف أنّ هذه الروايات كانت ملقاة من قِبَل الأئمّة(عليهم السلام)على اُناس كانوا يعيشون ويفكّرون في جوٍّ علميّ خاصّ له مصطلحاته الخاصّة، وتعبيراته الخاصّة، وله مسائله المطروحة للبحث إثباتاً ونفياً. ومن أهمّ تلك المسائل التي راج بحثها وذكرها واختلف الناس بسببها هو مسألة الرأي. ففي عصر الصادقين(عليهما السلام)وجدت مدرسة علميّة في صفوف علماء السنّة بعنوان مدرسة الرأي في مقام الاستنباط والتفسير وإخراج الأحكام من النصوص، وكانت هذه الكلمة مصطلحاً لمذاهب استحدثت وراجت وعمّت وانتشر الحديث عنها وتشعّبت فروعها. وأصحاب الأئمّة كانوا يسمعون أبحاث السنّة وكانوا يعرفون آراءهم، وكان جملة منهم يفتي بآراء السنّة، ولعلّ بعضهم كانوا أعلم بآراء علماء السنّة منهم، فمحمّد بن مسلم كان يجلس في المسجد وكان يفتي أهل كلّ مذهب بمذهبهم، ويفتي أهل الحقّ بمذهب جعفر بن محمّد(عليه السلام)، فأصحاب الأئمّة(عليهم السلام)كانوا يعيشون هذا الجوّ وهذه المصطلحات. فمن يدّعي الاطمئنان بأنّ كلمة (الرأي) التي تردّد في كلام