المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

234

أبواب المعرفة وحكرها لنفسه، وجعل الإسلام أمراً عجيباً لا يصل إليه إلّا مَن كان مثله من الناس، فبحساب الاحتمالات يحصل الظنّ القويّ بكذب هذه الروايات، وكونها من إيحاءات هذا الذوق الذي كان اتّجاهاً عامّاً في جماعة من غير سلفنا الصالح من أمثال زرارة، ومحمّد بن مسلم من فقهاء ظاهر الشريعة الذين أخذنا عنهم أحكامنا، وذاك الاتّجاه هو مسلك تعقيد المطالب، وتأويل القضايا الدينيّة بما لا يناسب ذوق اُولئك السلف الصالح.

ومن هنا نحن ننبّه على مطلب عامّ، وهو: أنّه في جملة من الموارد تنفعنا في مقام تقدير رواية الراوي وتقييمها مراجعة حال الراوي، وتأريخه، ومجموع ما نقله من الروايات، فقد ترى ـ مثلاً ـ عدداً كبيراً من أحاديث متّفقة على مضمون مّا بحيث كان المفروض حصول العلم به بعنوان التواتر، لكن تكشف بالفحص ظاهرة مشتركة عن حال رواتها تناسب الإيحاء المشترك بمضمون تلك الأحاديث ممّا يسقطها عن درجة التواتر المفيد للعلم، فالاطّلاع على خصوصيّات الراوي وحاله ومزاجه، وما ينقل من سائر الروايات قد يدخل في عمليّة الاستنباط كعنصر من عناصر تقييم الرواية.

الثانية: إنّ جواز العمل بظواهر القرآن وعدمه من أهمّ المسائل، ومن المسائل الرئيسيّة بالنسبة للفقه ومعرفة الأحكام، ولا يوجد هناك موضوع دار حوله النزاع والبحث والجدل بين علماء الباطل من غير الشيعة أكثر من هذا البحث، فجميع الدواعي التأريخيّة والشرعيّة والواقعيّة كانت تقتضي أن تكون هذه المسألة أهمّ مسألة في مقام السؤال والجواب، وفي مقام الاستفادة والتحقيق. أضف إلى ذلك أنّ العمل بظواهر القرآن يوافق مقتضى الطبع العقلائيّ، وإيقاف هذا الطبع بحاجة إلى بيانات كثيرة وإعلامات متتالية، فلو كان أمر من هذا القبيل لكثر نقله وشاع وذاع، وليس حاله حال وجوب السورة ـ مثلاً ـ الذي لو لم يصل إلينا إلّا ضمن