المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

231

بحسب الخارج، وهذا بخلاف الآيات المحكمة، فإنّها محدّدة المعنى سهلة التصوّر بحسب عالم التطبيق. والخلاصة: أنّ المقصود بالتأويل هو الأوْل والرجوع وما يؤوْل إليه المعنى في عالم التطبيق والمصداق. والمقصود بالمتشابه هو المتشابه من حيث المعنى ولا يمكن اتّباعه. والمراد بالمحكم ـ بقرينة تقابله للمتشابه ـ هو المحكم بلحاظ ما يؤوْل إليه المعنى في عالم المصداق وتجسيد المعنى لا بلحاظ المعنى.

وبما ذكرناه أيضاً يبطل تفسير التأويل بمعنى غامض وخفيّ بالنسبة لكلا قسمي الكتاب المحكمات والمتشابهات، وهو دعوى أنّ التأويل يكون بمعنى الوجود الجمعيّ للقرآن الذي اُشير إليه في قوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾، حيث فرض إحكاماً ثُمّ تفصيلاً، فاستظهر من تلك الآية أنّ هناك وجودين للقرآن: وجوداً جمعيّاً ووجوداً تفصيليّاً، فالوجود التفصيليّ هو هذا القرآن الموجود بأيدينا، والوجود الجمعيّ هو تأويل هذا القرآن.

أقول: هذا المطلب لا يحتمل في هذه الآية؛ إذ إنّنا نتسائل ما هي الجهة التي بلحاظها فرضت الآية المتشابهة متشابهة؟ هل هي جهة المعنى، أو جهة التأويل؟ إن قلتم: إنّها جهة المعنى لزم أن تكون الآية المتشابهة متشابهة المعنى، وقد فرغنا عن أنّ المقصود هو التشابه بالأوْل لا بالمعنى. وإن قلتم: إنّها جهة التأويل لزم أن تكون الآيات المحكمة محكمة التأويل، بينما هي غير محكمة التأويل بناءً على تفسير التأويل بذاك الوجود الجمعيّ، فإنّ الوجود الجمعيّ للقرآن بتمامه متشابه، وممّا لا يمسّه إلّا المطهّرون مثلاً(1).


(1) كأنّ هذا المقطع الأخير من الكلام الذي يبحث تفسير التأويل بمعنى الرجوع إلى الوجود الجمعيّ للقرآن إشارة إلى ردّ ما ذكره المرحوم العلاّمة الطباطبائيّ(رحمه الله)في تفسير الميزان، ج 3، ص 54 و55.