المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

223

جعل الحجّيّة لدلالة الآية الشريفة على عدم حجّيّة نفسها لغو؛ إذ لو لم يصل هذا الجعل لم يكن له أثر في إثبات عدم الحجّيّة، ولو وصل لم يمكن التعبّد بعدم الحجّيّة؛ إذ التعبّد بعدم شيء إنّما يكون في ظرف عدم وصول ذلك الشيء وعدم العلم به، وعليه فلا أثر لهذا الجعل إطلاقاً.

وما ذكرناه: من ثبوت الاستحالة في المقامين بملاكين، إنّما هو من باب التسليم بما ذكروه في مسألة خبر الأقريطشي: من لزوم استلزام وجود الشيء لعدمه. والواقع أنّ أساس المغالطة في مثل كلام الأقريطشي شيء آخر، وهو بنفسه منشأ الاشتباه في النظر إلى الآية الشريفة على أحد وجهين. وتوضيح المقصود يتمّ بالكلام تارةً بشأن خبر الأقريطشي، واُخرى بشأن الآية الشريفة:

أمّا خبر الأقريطشي: فهو في الحقيقة ينحلّ إلى عدّة أخبار غير متناهية، فإنّه قد أخبر عن كذب باقي أخبار الأقريطشيّين، وهذا بنفسه خبر لأقريطشي، فقد أخبر عن كذبه، وهذا أيضاً بنفسه خبر لأقريطشي فقد أخبر عن كذبه، وهكذا إلى ما لا نهاية له، وهذا الانحلال جاء من ناحية كون القضيّة حقيقيّة تنحلّ إلى قضايا متعدّدة بعدد أفراد موضوعها المحقّقة والمقدّرة، فهذا الكلام من الأقريطشي ليس خبراً واحداً يلزم من صدقه كذبه، بل هو أخبار لا متناهية يلزم من صدق كلّ واحد منها كذب طرفيه، ومن كذبه صدق طرفيه، فلم يلزم كون وجود الشيء مستلزماً لعدمه.

وأمّا الآية الشريفة: فتارةً يفرض أنّ موضوع الردع فيها هو ظهورات الكتاب، واُخرى يفرض أنّ موضوع الردع فيها هو الآيات الظاهرة:

فإن فرض الأوّل: كانت هذه الآية منحلّة أيضاً إلى قضايا لا متناهية بحسب الظهورات؛ إذ هي تدلّ على عدم حجّيّة باقي ظهورات الكتاب، وهذا بنفسه ظهور فتدلّ على عدم حجّيّته، وهذا في صالح حجّيّة باقي ظهورات الكتاب، وهو ظهور