المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

220

وما يلزم من وجوده عدمه فهو مستحيل.

ويورد على هذا بأنّ المحال الذي ذكر إنّما يكون لازماً لشمول الآية الشريفة لنفسها وردعها عن حجّيّة نفسها، وهذا دليل على عدم شمولها لنفسها، وعدم ردعها عن حجّيّة نفسها، وتبقى الآية شاملة لباقي ظواهر الكتاب، وتكون حجّة في الردع عن حجّيّة باقي ظواهر الكتاب غير ظهور نفس هذه الآية.

ويجاب على هذا الإيراد بدعوى القطع بعدم الفرق بين آية وآية في حجّيّة ظهورها وعدم الحجّيّة، فإمّا أنّ تمام ظواهر الآيات حجّة، أو أنّ شيئاً منها ليست بحجّة، وهذه الآية لو ردعت عن حجّيّة ظهور آية فمن المقطوع به أنّها إنّما تردع عنها لأنّه ظهور قرآنيّ، ولا فرق بينه وبين ظهور نفس هذه الآية، فبالتالي تكون حجّيّتها وردعها عن ظواهر الكتاب مستلزمة لعدم حجّيّتها، وما يلزم من وجوده عدمه فهو مستحيل(1).

إلى هنا تنتهي سلسلة البحث في كلمات أصحابنا على فرض شمول كلمة المتشابه للظاهر.

أقول: كأنّ الأصحاب ـ قدّس الله أسرارهم ـ فرضوا الآية الشريفة من سنخ كلام الأقريطشي الذي قال تهجّماً على منطق اُرسطو: (إنّ جميع أخبار أهل


(1) لا يخفى أنّ إنكار حجّيّة الآية بالنسبة لنفسها أو مطلقاً لا يحلّ مشكلة استلزام وجود الشيء لعدمه، فإنّ نفس كون وجود الشيء مستلزماً لعدمه مستحيل، واستلزام الشيء لنقيضه غير معقول، لا أنّ هذا معقول وممكن غاية ما هناك أنّ ذاك الشيء الذي يلزم من وجوده عدمه يستحيل وجوده. وهذا يعني أنّ الأصحاب في المقام لم يستطيعوا الفرار من المحال بل التزموا بالمحال، وهو استلزام حجّيّة هذه الآية لعدم حجّيّتها وإن أنكروا حجّيّة هذه الآية. وقد عرضت هذا الكلام على سيّدي الاُستاذ الشهيد (رضوان الله عليه) فأمضاه.