المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

215

أدنى المراتب في الثاني، والاعتماد على المرتبة العليا في الأوّل غير صحيح. والصحيح: أنّ مرتبة الكشف تقريباً واحدة، وإنّما أساس هذا الفرق ـ كما عرفت فيما مضى ـ هو الفرق في كون الكشف المعتمد عليه مضافاً إلى المخاطب أو إلى المتكلّم، ففي مجال الأغراض الشخصيّة للمخاطب يكون الأساس هو الكشف بالنسبة للمخاطب، أمّا في مجال الأغراض المولويّة فالمولى يجعل الحجّيّة بلحاظ الكشف لديه، ولا يعتني بظنّ المخاطب صدفة بالخلاف أو عدم ظنّه بالوفاق، وهذا الظنّ بالخلاف لا يقلّل الكشف عند المولى.

نعم، يمكن أن يفترض في بعض الموارد ما يقلّل الكشف عند المولى، كما لو فرضنا أنّ القياس(1) تغلّب مطابقته للواقع، فإذا نظرالمولى إجمالاً إلى قائمة ظواهر كلامه التي يخالفها القياس رأى أنّه ليس الغالب فيها مطابقتها للمراد، وعندئذ تختلّ السيرة العقلائيّة على حجّيّة الظهور في هذا المورد، فالقياس ـ على أقلّ التقديرين ـ يمنع عن حجّيّة الظهور ولو كان في نفسه غير حجّة.

ولحلّ هذه المشكلة وإثبات حجّيّة الظهور في مثل هذا المورد توجد لدينا عدّة وجوه:

الأوّل: التمسّك بأخبار الردع عن القياس بناءً على أنّ ظاهر لسان بعضها هو فرض وجود القياس كعدمه بتاتاً كما ليس ببعيد.

الثاني: التمسّك بسيرة المتشرّعة. فإنّ موارد تصادم الظهور للقياس كثيرة مع أنّ القياس أمر طال التشاجر في شأنه بين فقهاء العامّة والشيعة، وخاض الأئمّة(عليهم السلام)


(1) بالنسبة لخصوص القياس أودّ أن اُنبّه إلى أنّ هذا المثال غير واقعيّ وإنّما هو مثال افتراضيّ، فإنّ علمنا بطبيعة الشريعة القائمة على أساس تفريق المتشابهات وجمع المتفرّقات، وعلى أساس ملاكات غير منضبطة بظواهر الاُمور يكشف لنا عن عدم قيمة نوعيّة حقيقيّة للقياس.