المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

19

 

الإشكال من ناحية العقل النظريّ:

أمّا القسم الأوّل: فقد عرفت أنّ له تقريبين: أحدهما: لزوم اجتماع الضدّين أو المثلين. والثاني: لزوم نقض الغرض. وقد ذكر في مقام الجواب عن هذا القسم وجوه. ولا أقصد بذلك أنّهم أرادوا الجواب عن كلا الإشكالين؛ إذ لم يذكر كلا الإشكالين بهذا الشكل في كلام كلّ من تعرّض للإشكال والجواب، وإنّما المقصود: أنّهم دفعوا إشكال استحالة الجمع بين الحكمين من وجهة العقل النظريّ ولو في الجملة بأحد وجوه:

الوجه الأوّل: منع كون الحكم الظاهريّ حكماً تكليفيّاً كي ينافي الحكم الواقعيّ، وإنّما هو عبارة عن جعل الطريقيّة، أو جعل المنجّزيّة، أو جعل الحجّيّة، أو غير ذلك، على اختلاف تعبيراتهم وتقريباتهم لذلك. فذكر المحقّق النائينيّ(رحمه الله)جعل الطريقيّة(1)، وذكر المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)جعل المنجّزيّة(2)، ونحن جعلنا الجميع جواباً واحداً باعتبار ما عرفته: من الجامع بينها.

والواقع: إنّ هذا الوجه لا يدفع شيئاً من الإشكالين:

أمّا إشكال نقض الغرض، فلأ نّ الحكم الظاهريّ بأيّ لسان كان إن لم تترتّب عليه صيرورة المكلّف في سعة من ناحية مخالفة الحكم الواقعيّ كان هذا خُلفاً، وكان الحكم الظاهريّ لغواً، ولم يكن منتجاً للأثر المقصود والنتيجة المطلوبة من الأحكام الظاهريّة. وإن ترتّبت عليه هذه السعة لزم نقض الغرض؛ لأنّ المكلّف يترك الواقع المطلوب اعتماداً على هذه السعة الثابتة له من قبل المولى.


(1) في الأمارات أو فيها وفي الاُصول المحرزة أيضاً بمعنى من المعاني.

(2) واستثنى في كفايته من هذا الجواب مثل أصالة الإباحة.