المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

189

يقتضي حجّيّة ظهور عصر الصدور دون عصر الوصول أرادوا أن يعالجوا الأمر بأصل عقلائيّ آخر وهو أصالة عدم النقل، فينقّح بهذا الأصل موضوع أصالة الظهور ثُمّ يتمسّك بأصالة الظهور.

والتعبير بأصالة عدم النقل فيه قصور؛ لما بيّنّاه: من أنّ المتغيّر في اللغة ليس فقط خصوص الظواهر الأفراديّة التي تنقل من معنى إلى معنى آخر، بل قد تتغيّر ظواهر الجمل التركيبيّة من باب تغيّر السياق لا من باب النقل المخصوص بباب الوضع والظهورات التصوّريّة، فقد يتغيّر الظهور التصديقيّ من دون تغيير في الوضع والظهور التصوّريّ، فالأولى التعبير بـ (أصالة عدم التغيّر في اللغة) و(أصالة ثبات اللغة) المناسب لنفي تطوّر المعنى الأفراديّ وتطوّر المعنى التركيبي معاً، لا التعبير بأصالة عدم النقل.

أمّا الكلام في صحّة هذا الأصل وعدمها: فلا إشكال في صحّته؛ لبناء العقلاء بناءً عامّاً ارتكازيّاً على أصالة الثبات في اللغة، وأنّ التغيير حالة استثنائيّة لا يعتنى باحتمالها. وهذا الارتكاز حصل لهم كنتيجة خاطئة للتجربة، حيث إنّ كلّ فرد من أفراد العرف والعقلاء رأى بحسب تجربته في الفترة القصيرة من الزمن عدم تغيّر اللغة عادة وكون تغيّرها حالة استثنائيّة، فهذا الثبات النسبي للّغة في فترة قصيرة أوحى إليهم ارتكاز أنّ هذا مقتضى طبيعة اللغة بحسب عمود الزمان الطويل، ورجعوا على الإطلاق إلى أصالة عدم التغيّر، وهذا تعميم عرفيّ لا منطقيّ لتجربة عاشها كلّ فرد من أفراد العرف. ومظاهر هذا الارتكاز العامّ، أعني: ارتكاز عدم تغيّر اللغة عادةً، وإن كانت لا تظهر في باب الحجّيّة بالنسبة للموالي الآخرين غير الشارع؛ لعدم وجود موال وعبيد يتحقّق بين زمانهما فصل طويل، لكنّها تظهر في مجال أغراضهم ومقاصدهم. فمثلاً لو تعلّق غرضهم بتطبيق إرادة الواقف أو الموصي فيما وقفه أو أوصى به، وقد مات الواقف أو الموصي عملوا بما