المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

163

القسم الثاني: هو الظهور التصديقيّ. وهذا بابه باب الكشف والدلالة، ولا يكفي فيه مجرّد الوضع والعلم به بل يكون متوقّفاً على عدم القرينة المتّصلة. ولهذا الظهور شقّان طوليّان:

الأوّل: الدلالة الاستعماليّة، وهي الدلالة على أنّ المتكلّم قد قصد بإيجاده للفظ إخطار المعنى التصوّريّ الذي مضى ذكره في ذهن السامع. وهذه الدلالة غير موجودة في مثل اللفظ الصادر من الجدار، وتوجد في كلام الإنسان الواعي ولو مع القرينة على كون مقصوده الهزل والاستهزاء ونحو ذلك. نعم، لا توجد مع القرينة المتّصلة على عدم إرادة إخطار ذاك المعنى، كما لو قامت قرينة على إرادة إخطار خلاف ذلك كما في القرينة على المجاز، أو قامت قرينة على مجرّد عدم إرادة تفهيم المعنى الموضوع له.

والثاني: الدلالة الجدّيّة، وهي الدلالة الكاشفة عن كون داعي المتكلّم إلى إخطار المعنى الذي أراد إخطاره هو الجدّ لا الهزل ونحوه، فيقصد حقّاً بمثل: (زيد قائم) الحكاية، وبمثل (صلّ) الطلب التشريعيّ، وهكذا. وهي دلالة سياقيّة تنتفي عند صدور اللفظ من الجدار، وكذلك عند قيام القرينة المتّصلة على الخلاف ولو على مثل الهزل والاستهزاء.

والظهور التصديقيّ بكلا شقّيه يكون في مرحلة عدم القرينة المتّصلة، ولا يكون مشروطاً بعدم القرينة المنفصلة.

فتحصّل: أنّ هناك مرحلتين للظهور:

مرحلة الوضع، وهي مرحلة الظهور التصوّريّ.

ومرحلة عدم القرينة المتّصلة، وهي مرحلة الظهور التصديقيّ.

وأمّا مرحلة عدم القرينة المنفصلة فليست مرحلة للظهور أصلاً، وإنّما هي مرحلة الحجّيّة.