المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

160


فقد استدلّ الإمام(عليه السلام) بالآية المباركة على كون المسح ببعض الرأس لمكان الباء، مع أنّ الباء قيل: إنّها لا تكون للتبعيض بل للإلصاق، ومع ذلك يمكن استفادة التبعيض منها؛ لأنّ إلصاق المسح بالرأس بسبب الباء يشعر عرفاً بتخفيف الإلصاق الذي يكفي فيه مسح البعض.

6 ـ رواية الحسن بن عليّ الصيرفيّ، عن بعض أصحابنا، قال: «سئل أبو عبدالله(عليه السلام)عن السعي بين الصفا والمروة فريضة أم سنّة؟ فقال: فريضة. قلت: أو ليس قد قال الله عزّ وجلّ: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾؟ قال: كان ذلك في عمرة القضاء، إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام من الصفا والمروة، فتشاغل رجل ترك السعي حتّى انقضت الأيّام واُعيدت الأصنام، فجاؤوا إليه فقالوا: يا رسول الله، إنّ فلاناً لم يسع بين الصفا والمروة وقد اُعيدت الأصنام. فأنزل الله عزّ وجلّ: ﴿فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا﴾ أي: وعليهما الأصنام»(1).

فقد استظهر السائل من نفي الجناح في الآية الترخيص ونفي الوجوب، فإنّ الواجب لا يناسب عرفاً أن يعبّر عنه بلا جناح، وإن كان بحسب اللغة لا ضير فيه. والإمام(عليه السلام)قد أمضى هذا الاستظهار، ولكنّه حاول أن يلفته إلى أنّ التعبير بذلك إنّما جاء بلحاظ خصوصيّة واقعة معيّنة كان يتوهّم فيها سقوط السعي، لابتلائه بمحذور تواجد الأصنام، فنفي الجناح ليس بلحاظ أصل عمل السعي بل بلحاظ إتيانه في تلك الحال. وكلّ هذا إعمال عنايات ومناسبات عرفيّة تتدخّل في تشكيل الظهور كما هو واضح.

7 ـ رواية حكم بن الحكم قال: «سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول وسئل عن الصلاة في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل، ج 9، ب 1 من السعي، ح 6، ص 511.