المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

153


وثالثةً تُذكر لإبطال التمسّك بالسيرة لإثبات حجّيّة الظهور نهائيّاً، فلا سيرة العقلاء تثبت؛ لأنّ طريقة خطابات الشارع غير مألوفة لدى المجتمعات العقلائيّة. ولا سيرة المتشرّعة تثبت؛ لما مضى منّا: من أنّ سيرة المتشرّعة على العمل بالظهور يمرّ طريق إثبات معاصرتها للمعصوم عبر ثبوت سيرة العقلاء، فإذا لم تثبت سيرة العقلاء لم تثبت سيرة المتشرّعة.

قال(رحمه الله): والصحيح ثبوت سيرة المتشرّعة في المقام، وكذلك ثبوت سيرة العقلاء بلاحاجة إلى المرور بسيرة المتشرّعة.

أمّا ثبوت سيرة المتشرّعة فصحيح أنّ إثباته يمرّ عبر ثبوت سيرة العقلاء، لكن ليس المقصود بذلك سيرة العقلاء على العمل بظواهر كلمات الأئمّة(عليهم السلام)، وإنّما المقصود بذلك هو سيرة العقلاء على العمل بظواهر كلماتهم فيما بينهم، فإنّ هذا كاف في أن يكون افتراض اُسلوب آخر للتفاهم مع الأئمّة(عليهم السلام) ملفتاً للانتباه، وموجباً لتكاثر النقول والوصول إلينا.

وأمّا ثبوت سيرة العقلاء بغضّ النظر عن سيرة المتشرّعة فلأنّ سيرة العقلاء لها مجالان: أحدهما مجال الأغراض التكوينيّة، والآخر مجال الإدانة والمسؤوليّة والحجّيّة بين يدي المولى. وكثرة الاعتماد على القرائن المنفصلة إن أوجبت تزلزل السيرة فإنّما هو بلحاظ المجال الأوّل؛ إذ ملاك الحجّيّة في المجال الأوّل هو الكاشفيّة التي تزلزلت بكثرة الاعتماد على القرائن المنفصلة. أمّا في المجال الثاني فنفس كلام المولى له موضوعيّة بمعنى من المعاني.

نعم، لا بأس بأن يقال: إنّ هذا العمل لابدّ وأن يكون بعد الفحص عن المخصّصات والقرائن بقدر الإمكان. إذن فالظاهر أنّ كبرى السيرة العقلائيّة بمرتكزاتها منطبقة على المقام.