المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

146

ومن ناحية اُخرى ليست أذهانهم مأنوسة بحجّيّة الظهور عند وجود القياس المقيّد، فغاية ما يتحقّق منهم بعد ردع الشارع هي الارتداع عن العمل بالقياس، لا الأخذ بالظهور الذي في قباله.

نعم، ثبت متشرّعيّاً عمل الأصحاب بالظهور المخالف للقياس. وهذا معنى ما قلناه: من أنّه إذا صار القرار على الاقتصار في سيرة العقلاء على دائرة العمل فالذي يدلّنا على حجّيّة الظهور في مثل هذا الفرض هو سيرة المتشرّعة لا العقلاء. وإذا صار القرار على التعدّي إلى النكتة الارتكازيّة لم يبق من هذه الناحية فرق عمليّ بين التمسّك في حجّيّة الظهور بسيرة المتشرّعة والتمسّك فيها بسيرة العقلاء(1).

 


(1) الظاهر أنّ إيمان العقلاء بالحجّيّة اللولائيّة للظهور، أي: حجّيّته لولا حجّيّة ما يقيّده أو يخصّصه، يجرّهم إلى العمل بالظهور في الشرعيّات رغم مخالفته للقياس المقيّد أو المخصّص بعد فرض وصول ردع الشارع عن القياس إليهم؛ لأنّ ما علّقت عليه الحجّيّة في نظرهم قد تحقّق، ويغفلون عن مسألة إمكانيّة جعل الشارع للقياس رغم عدم حجّيّته مانعاً عن حجّيّة الظهور، كغفلتهم عن احتمال عدم رضا الشارع في كلّ سيرهم، وفرضيّة إمكان مانعيّة القياس عن حجّيّة الظهور حتّى إذا كان هو غير حجّة إن كانت موجودة في أذهانهم ولو ارتكازاً منعت ذلك عن ارتكاز الحجّيّة اللولائيّة في ذهنهم، أي: حجّيّة الظهور لولا حجّيّة القياس المخالف له، وإن لم تكن موجودة في أذهانهم إذن سوف يترجمون ارتكازهم بالعمل بالظهور عند ما يعرفون عدم حجّيّة القياس. والتفكيك بين الارتكاز والسيرة العمليّة إنّما يعقل فيما إذا كان مورد تطبيق الارتكاز عملاً وقتئذ منتفياً، كملكيّة المعدن بحيازة كمّيّات كبيرة بواسطة الوسائل الكهربائيّة مثلاً.

ثُمّ إنّه قد نقلت عنه (رضوان الله عليه) في دورته التي لم أحضرها فرضيّة اُخرى