المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

14

 

الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ

وأمّا المقام الثاني: فالإشكال في الجمع بين الحكم الظاهريّ والواقعيّ تارةً ينشأ من ناحية العقل النظريّ، واُخرى ينشأ من ناحية العقل العمليّ:

أمّا الأوّل: فبأحد بيانين:

الأوّل: لزوم اجتماع الضدّين أو المثلين، فلو كان الحكم الظاهريّ مطابقاً للحكم الواقعيّ لزم اجتماع المثلين، ولو كان مغايراً له لزم اجتماع الضدّين؛ لتضادّ الأحكام من حيث المبادئ.

والثاني: لزوم نقض الغرض وهو محال؛ لاستحالة انفكاك المعلول عن علّته، فإنّ الغرض علّة غائيّة لما اشتمل عليه من فعل أو ترك، والالتفات إليه يحرّك الفاعل نحو الفعل أو الترك، فإذا التفت المولى إلى غرضه الواقعيّ الذي يفوت بجعل الحكم الظاهريّ ولم يتحرّك نحو ترك هذا الجعل كان هذا يعني انفكاك المعلول عن علّته.

وأمّا الثاني: فببيان أنّ الترخيص في مقابل الأحكام الواقعيّة تفويت للمصلحة على العبد وإضرار به؛ لأدائه إلى فوات ملاكات الأحكام الواقعيّة الناشئة عن المصالح والمفاسد، وهذا قبيح لا يصدر من المولى الحكيم. نعم، لا استحالة في صدوره من المولى غير الحكيم.

وهذا بخلاف الوجهين الأوّلين غير المربوطين بالعقل العمليّ، فإنّ اجتماع المثلين أو الضدّين أو انفكاك المعلول عن العلّة محال حتّى لو كان المولى غير حكيم.

هذا. وكأنّ الشيخ الأعظم(رحمه الله) شعر بأنّ من المناسب أن يُذكر وجه لإمكان الحكم الظاهريّ في قبال ما فُعِل: من ذكر وجه لاستحالته، فذكر(قدس سره) ما يرجع إلى مقدّمتين:

الاُولى: إنّا لم نجد وجهاً للاستحالة؛ لما سوف يأتي: من دفع شبهة ابن قبة للاستحالة.