المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

139

 

الاستدلال بالسيرة العقلائيّة:

وأمّا السيرة العقلائيّة: فالذي ادّعاه الأصحاب(قدس سرهم) في المقام هو أنّ العقلاء قد قامت سيرتهم على الحجّيّة التعبّديّة للظهور، وأنّ الشارع قد أمضى ذلك.

ونحن نتكلّم تارةً في الجملة الاُولى من كلامهم، واُخرى في الجملة الثانية منه:

أمّا الجملة الاُولى ـ وهي قولهم: إنّ سيرة العقلاء قامت على الحجّيّة التعبّديّة للظهور ـ: فالمراد من ذلك أحد أمرين:

الأوّل: ما لعلّه الظاهر من كثير من كلماتهم، وهو: أنّ العقلاء يعملون دائماً في اُمورهم المعاشيّة ومقاصدهم وأغراضهم التكوينيّة على طبق الظهور. فترى أنّ من يسأل الطبيب عن دوائه ويفتيه بشيء مّا لا يعتني باحتمال إرادة الطبيب خلاف الظاهر، ولا يقتصر على النصّ الصريح من الطبيب المصون عن احتمال الخلاف، بل يعمل بظواهر كلامه. وكذلك من يراجع المهندس، أو الصديق، أو من هو طرف له في معاملة مّا، أو أيّ شخص آخر في أيّ حاجة من حاجاته يبني على ظاهر الكلام. وعلى هذا قام أساس معاش الناس وأغراضهم.

ولكن هذا الوجه في غاية الضعف؛ إذ إنّ هذا العمل غير مرتبط بجعل الحجّيّة أصلاً، وليس العاقل يجعل حجّيّة لظاهر كلام الطبيب، أو المهندس، أو غيرهما حتّى يعمل به، وإنّما يعمل بالظواهر باعتبار مقدار أهمّيّة أغراضه ودرجة محرّكيّتها له. فإذا كان غرضه في غاية الأهمّيّة بحيث يحرّكه نحو سدّ


الظهور رادعاً عنها. أمّا الأوّل فواضح. وأمّا الثاني فلأنّ المفروض أن يصل من الشارع ردع يهدم سيرة المتشرّعة، ويمنع عن وجودها بينما المفروض ثبوتها واستقرارها.