المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

135

دليل البراءة، أو الاحتياط عند عدم العلم، وإمّا بلسان الآيات الرادعة عن العملبغير العلم. والرجوع إلى البراءة إنّما هو في فرض انحلال العلم الإجماليّ الكبير بالأحكام بعلم صغير، كأن يدّعى علم إجماليّ بوجود تكاليف في الوسائل ـ مثلاً ـ بمقدار ما يعلم إجمالاً وجوده من الأحكام مطلقاً، فينحلّ العلم بالنظر إلى الأخبار الخارجة عن كتاب الوسائل.

والتحقيق: أنّه لا مجال لجعل ما ردع عن اتّباع غير العلم ردعاً عن حجّيّة الظهور بنحو الحجّيّة الذاتيّة؛ إذ معنى حجّيّة الظهور ذاتاً هو أنّ نفس ظهور كلام المولى بما هو ظهور لكلامه موضوع لحقّ المولويّة، والمطلوب بالذات في دائرة العقل العمليّ هو العمل بظهور كلام المولى، ونحن قد علمنا بالظهور، فعملنا به يكون اتّباعاً للعلم لا للظنّ والشكّ.

وأمّا الإشكال برادعيّة مثل البراءة فالذي يمكن جعله جواباً عنه أحد أمرين:

إمّا دعوى التوسعة في جانب المعلوم، وهي دعوى قريبة جدّاً، بأن يقال: إنّ المراد من: (رفع ما لا يعلم) هو رفع ما لا يعلم من خطابات المولى، فإذا علمنا بخطاب المولى الظاهر في حكم إلزاميّ فقد حصلت الغاية، فينقطع الأصل.

وإمّا دعوى التوسعة في جانب العلم، بأن يقال: إنّ الغاية ليست هي العلم بما هو علم، بل هي العلم بما هو حجّة(1)، فيقوم مقامه كلّ حجّة دلّت على الحكم الإلزاميّ.

هذه غاية ما يمكن أن يقال في توجيه الحجّيّة الذاتيّة للظهور.

وهذه الحجّيّة لا يمكن البرهنة عليها؛ إذ مرجعها إلى دعوى أنّ حقّ المولويّة بنفسه يقتضي العمل بظواهر كلام المولى. وحقّ المولويّة وسعة دائرته وضيقها من مدركات العقل العمليّ، ولا يمكن البرهنة على مدركات العقل العمليّ، فتبقى عهدة دعوى الحجّيّة الذاتيّة للظهور على مدّعيها.


(1) أو بما هو حجّة ذاتاً.