المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

13

وشككنا أيضاً في اهتمام المولى به على تقدير وجوده، فيكون لنا شكّ في شكّ. أمّا إذا علمنا باهتمام المولى به على تقدير ثبوته فالحكم على تقدير وجوده يكون منجَّزاً، واحتمال التكليف المنجَّز منجِّز.

وعلى هذا نقول: إنّ الحكم الظاهريّ الإلزاميّ ـ سواء كان بلسان جعل الطريقيّة، أو جعل المنجّزيّة أو بأيّ لسان آخر ـ يدلّ بالدلالة العرفيّة على اهتمام المولى بالحكم على تقدير وجوده، كدلالة الإنشاء الواقعيّ بالدلالة العرفيّة على ثبوت روح الحكم في نفس المولى، فارتفع الإشكال.

أمّا ما أفاده المحقّق النائينيّ(رحمه الله) في مقام حلّ الإشكال: من أنّ الصحيح هو جعل العلم والطريقيّة، وبه يتمّ البيان ويرتفع موضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وهذا بخلاف فرض كون مفاد الحكم الظاهريّ هو جعل المنجّزيّة، فإنّ تنجيز الحكم الذي لم يتمّ بيانه ليس بياناً له، بل هو تخصيص لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، فالتخلّص من الإشكال إنّما يكون بجعل البيان والعلم تعبّداً.

أقول: ما أفاده(رحمه الله) قد مضى فيما سبق مع دفع ما اُورد عليه وتسجيل الإيراد الصحيح عليه.

وحاصل الإيراد الصحيح عليه هو: أنّه إن فرض رفع موضوع القاعدة بلسان جعل الطريقيّة من ناحية دلالته العرفيّة على اهتمام المولى بالحكم، فلا فرق في هذه الدلالة بين لسان جعل الطريقيّة ولسان جعل المنجّزيّة وغير ذلك. وإن أنكرنا اختصاص القاعدة بفرض عدم العلم باهتمام المولى، فلا محيص ـ في مقام فرض تنجّز الحكم في بعض الأوقات بدون ثبوت العلم التكوينيّ ـ عن دعوى توسعة مّا في الغاية، بأن تكون الغاية عبارة عن الجامع بين العلم التكوينيّ وشيء آخر. وليست دعوى التوسعة من ناحية جعل العلم الذي ليس إلّا عبارة عن فرض العلم واعتباره، بأولى من دعوى التوسعة من ناحية اُخرى كجعل المنجّزيّة وفرضها.