المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

122

وأمّا الأمر الثاني ـ وهو أنّه لو ردع الشارع لوصلنا الردع ـ: فدليله مقتضى الطبع والعادة. توضيح ذلك:

إنّ المفروض أنّ ردع الشارع يكون بملاك دفع الخطر المتشكّل بسبب السيرة العقلائيّة على أغراضه، ومن الواضح أنّه إذا استقرّت سيرة العقلاء على شيء وارتكز في أذهانهم أمر سيطبّقونه على موارد الأحكام الشرعيّة وهو خطأ في نظر الشرع، فدفع هذا الخطر عن غرض المولى لا يتمّ ببيان واحد أو بيانين، بل لابدّ من بيانات عديدة تستلزم عادة الوصول إلى غالب الناس على اختلاف مراتب الوصول، فيصل البيان إلى بعض بنحو الجزم، وإلى بعض آخر بنحو الاحتمال. وإذا تشكّل في أذهان جماعة احتمال كون ما استقرّت سيرتهم عليه خلاف الشرع وتنبّهوا إلى ذلك ببركة تلك البيانات، فهذا يثير من جديد أسئلة عن هذا الحكم، فتكثر البيانات مرّة اُخرى ببركة الأجوبة التي تصدر على تلك الأسئلة، ومع كثرة البيانات إلى هذا الحدّ يستبعد عدم وصولها إلينا، خاصّة وإنّ الرواة يهتمّون بضبط هذه البيانات لأهمّيّتها بحسب التأريخ؛ لكونها ردعاً عن سيرة عقلائيّة متمركزة وعلى خلاف طبع العقلاء، وأهمّيّتها بحسب الشرع، فالرواية التي ترد في بيان حكم واضح يمكن أن لا يهتمّ بنقلها باعتقاد عدم أهمّيّتها اعتماداً على وضوح الحكم، أو دلالة العمومات عليه، أو نحو ذلك، وهذا بخلاف الروايات الرادعة عن مثل هذه السيرة، فاختفاء كلّ واحد من هذه البيانات علينا موهون في نفسه، وبضمّه إلى اختفاء بيان آخر يضعف الاحتمال نتيجة لضرب القيم الاحتماليّة، وهكذا إلى أن يصبح احتمال اختفاء المجموع ممّا يطمأنّ بعدمه(1). فعدم وصول


(1) أو يقطع بعدمه على اعتبار أنّ احتمال تماثل الصدف أضعف من باقي أطراف العلم الإجماليّ.