المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

119

والثالث: بطلان التالي في الشرطيّة الثانية.

أمّا الأمر الأوّل: فبرهانه هو استحالة نقض الغرض(1). وهذا البرهان إنّما يأتي فيما لو كانت السيرة العقلائيّة تمتدّ من مواردهم العرفيّة إلى موارد الأحكام الشرعيّة؛ إذ مع فرض عدم الامتداد ليس سكوت الشارع لو لم يكن يقبل بالعمل بتلك السيرة في أحكامه نقضاً للغرض، فإنّ أغراض المولى إنّما هي كامنة في أحكامه، وقد فرض عدم امتداد السيرة إلى باب الأحكام. أمّا كيف تمتدّ السيرة إلى باب الحكم الشرعيّ فهذا ما يكون بأحد وجوه:

الوجه الأوّل: أن يكون ذلك من باب العادة، فيقال مثلاً: إنّ العقلاء بما أنّه جرت سيرتهم على رجوع الجاهل إلى العالم في شتّى الفنون صار ذلك عادة لهم، فيجرون على ذلك في باب الأحكام الشرعيّة جرياً على طبق العادة بلا التفات إلى صحّة ذلك وعدمها.

وهذا الوجه متصوّر في تمام أقسام السيرة بلا فرق بين السيرة الفقهيّة، كالسيرة على التملّك بالحيازة، والسيرة الاُصوليّة، أي: السيرة التي تكشف عن الحجّيّة، سواء قلنا بالمبنى المشهور: من أنّ الحجّيّة تكون عبارة عن مجرّد إنشاء ظاهريّ ناشئ من ملاك في نفس الإنشاء، أو قلنا بما هو الصحيح: من أنّ روح الحكم الظاهريّ ـ بعد فرض عدم السببيّة ـ عبارة عن تعيين درجة اهتمام المولى بالأغراض الواقعيّة، فإنّ الجري العمليّ والسيرة بأيّ نحو كان يقتضي تكوّن الاعتياد على طبقه.


(1) وكذلك يمكن الاستدلال على الإمضاء بالسكوت بغضّ النظر عن استحالة نقض الغرض بأنّ السكوت ظاهر في الإمضاء، ولا فرق في حجّيّة الظهور بين ظهور الكلام، وظهور السكوت هذا في غير إثبات حجّيّة نفس الظهور. وقد نقل هذا عن الدورة الأخيرة من درسه(رحمه الله).