المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

118

فإنّه يقال: إنّ الاطمئنان حجّة بحكم العقل العمليّ، فإنّ ما كنّا نحتمله في باب الظهورات: من ذاتيّة الحجّيّة لها، نقول به جزماً في باب الاطمئنان. هذا مضافاً إلى أ نّا نقطع بالحكم الشرعيّ؛ لكونه لازماً أعمّ لباقي المحتملات، أي: ملائماً لذاك الاحتمال الموهوم أيضاً وهو غفلة الجميع، وهذا يوجب زوال احتمال عدم الحكم الشرعيّ. وتحقيق ذلك موكول إلى بحث المنطق الذاتيّ.

وأمّا سيرة العقلاء: فلا يمكن استكشاف الحكم الشرعيّ منها من ناحية أصل تكوّنها على حدّ استكشاف العلّة من المعلول كما مضى ذلك في سيرة المتشرّعة، فإنّ هذا في السيرة العقلائيّة غير معقول، فإنّ فرض غفلتهم(1) هنا لا يساوق فرض اجتماع علل عديدة؛ إذ من المحتمل كون قيام سيرتهم على ذلك ناشئاً من علّة مشتركة، وهي تلك القريحة العقلائيّة واستدعاء طبعهم العقلائيّ لذلك.

ولكن مع هذا يمكن استكشاف الحكم الشرعيّ بواسطة السيرة العقلائيّة بضمّ قضيّتين شرطيّتين إليها:

الاُولى: أنّه لو لم يكن الشارع قد أمضى هذه السيرة لردع عنها.

والثانية: أنّه لو ردع عنها لوصل ذلك إلينا.

وبما أنّ التالي في الشرطيّة الثانية باطل، إذن فالمقدّم فيها الذي هو التالي في الشرطيّة الاُولى باطل، وبه يبطل المقدّم في الشرطيّة الاُولى، فيثبت الإمضاء.

وعليه فيقع الكلام في اُمور ثلاثة:

الأوّل: الشرطيّة الاُولى.

والثاني: الشرطيّة الثانية.


(1) يعني غفلة المتشرّعة منهم.