المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

112

الطريق الخامس: أن يكون لما يراد إثبات وجود السيرة على طبقه في زمان الإمام(عليه السلام) بديل بحيث لابدّ من أن تكون السيرة قائمة إمّا على هذا أو على ذاك، ويكون ذلك البديل بحيث لو كانت السيرة قائمة عليه في زمن المعصوم لنقل ذلك إلينا؛ لتشكيله ظاهرة اجتماعيّة كبيرة مع كونه في نفسه ممّا يبحث عنه ويهتمّ به اهتماماً كبيراً، كما هو الحال في باب حجّيّة الظهور، فإنّه لو لم تكن السيرة في ذلك الزمان على العمل بالظهور لكان هناك طريق آخر لتلقّي الأحكام؛ لأنّهم كانوا ملزمين بالعمل بالأحكام مثلنا، فحتماً كانوا يتّخذون مسلكاً لتلقّي الأحكام. فلو لم يكن ذاك المسلك هو الأخذ بالظهور وكان مسلكاً آخر بدلاً عن العمل بالظهور لشكّل ذلك ظاهرة اجتماعيّة واسعة، وكان ذلك في غاية الأهمّيّة يهتمّ به منذ البدء كلّ من باحث أو كتب في الفقه أو الاُصول، ولوصل ذلك إلينا حتماً، بينما لم يصلنا شيء من هذا القبيل إطلاقاً.

لايقال: إنّ العمل بالظهور أيضاً يشكّل ظاهرة اجتماعيّة مهمّة، ولم يصلنا نقل عن أنّهم فيما سبق كانوا يعملون بالظهور.

فإنّه يقال: صحيح أنّ هذا أيضاً سلوك اجتماعيّ مهمّ، ولكن قد يكون عدم نقله لأجل الاعتماد في وصوله إلى نفس استمرار السيرة، أو لأجل كون استقرار السيرة عليه بالفعل مانعاً عن الالتفات التفصيليّ إلى أهمّيّته(1).

وبالإمكان أن نمثّل أيضاً بتملّك الفرد للمعدن؛ إذ لو لم تكن عليه السيرة في


(1) كأنّ المقصود إثبات سيرة المتشرّعة بالمعنى الأعمّ بعد فرض ثبوت سيرة العقلاء أو احتمالها على الأقلّ من دون احتمالها بالنسبة للبديل، فيقال: إنّ سيرة المتشرّعة لو كانت هي عين سيرة العقلاء لم تجلب انتباهاً كي تنقل، أو أنّها قد لا تنقل اعتماداً على نفس السيرة العقلائيّة، ولو كانت غيرها لنقلت.