المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الثاني

104

المجتمع وقتئذ ولو طبعاً مكتسباً من ناحية العادة، فمثلاً لا يمكن إثبات طهارة أبوال الدواب الثلاث المأكول لحمها بهذا الطريق؛ إذ نحتمل أنّ مقتضى الطبع كان هو الاجتناب عنه، ولو اكتساباً من العادة الناشئة من قول العامّة الذين هم الكثرة الكاثرة في ذلك اليوم بالنجاسة مثلاً، فإذا كان ذلك وفق الطبع لم تلزم كثرة السؤال عن النجاسة والجواب.

الشرط الرابع: أن لا يكون خلاف ما قصد إثباته ممّا أفتى به كثير من فقهائنا القدامى، أو دلّت عليه روايات عديدة. وإلّا ـ كما هو الحال في وجوب السورة في الصلاة ـ احتملنا أنّ هذا نتيجة كثرة السؤال والجواب، فلا يصحّ إعمال هذا الطريق لنفي وجوب السورة، (مضافاً إلى إمكان دعوى انتفاء الشرط الثالث أيضاً بالنسبة لهذا المثال).

وكلّ هذه الشرائط مجتمعة في مسألة المسح في الوضوء بتمام الكفّ على ظهر القدم، فننفي وجوب ذلك بقيام السيرة على عدم الالتزام به؛ إذ يقال: لولا قيام السيرة على عدم الالتزام به لكان يكثر السؤال عن وجوبه ويكثر الجواب، وكان يصلنا ذلك في عدّة روايات. وهذا حكم فرديّ مبتلى به من قبل تمام الأفراد دائماً، ويكون الالتزام بالمسح بتمام الكفّ على خلاف مقتضى الطبع، ولم يفت أحد من الفقهاء بوجوبه، ولم ترد أخبار عديدة دالّة على وجوبه، وإن فرض ورود حديث واحد بذلك فهو لا يضرّنا.

وهل يشترط أيضاً عدم ورود روايات عديدة على طبق ما نريد إثباته بالسيرة بأن يكون ورود روايات عديدة على عدم وجوب المسح بتمام الكفّ ـ مثلاً ـ مضرّاً بالاستدلال بالسيرة بالطريق الذي بيّنّاه، أو لا؟

التحقيق في ذلك: أنّه تارةً نريد الاستدلال بالسيرة محضاً كما كان ذلك ظاهر عبارتنا حتّى الآن، واُخرى نقصد جعل السيرة جزءاً للدليل: فعلى الأوّل يكون