المولفات

المؤلفات > فقه العقود ج1

211

أقول: إنّ دلالة الآية على اللزوم والصحّة في عرض واحد، فالآية تدلّبالمطابقة على وجوب الوفاء وبالالتزام على الصحّة واللزوم، لأنّ وجوب الوفاء لا يكون إن فسد العقد، وكذلك لا يكون إن لم يكن العقد لازماً، فلعلّ الأولى في تقريب النتيجة المقصودة أن يقال: إنّنا إذا قطعنا بعدم اللزوم بسبب الإجماع فقد قطعنا بعدم وجوب الوفاء، فقد سقطت الدلالة المطابقيّة عن الحجّيّة، وبسقوطها تسقط الدلالة الالتزاميّة على الصحّة(1).


(1) لا يخفى أنّ الاستدلال بمثل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ على صحّة مثل البيع لا يخلو من إشكال، فإنّ البيع ليس عقداً على الالتزام بعمل كي يتصوّر فيه الوفاء وعدم الوفاء مباشرةً، وإنّما الذي يتصوّر فيه مباشرةً هو النفوذ وعدم النفوذ. نعم يتصوّر فيه الوفاء وعدم الوفاء بمعنى الوفاء بآثاره أو عدم الوفاء بها، فقد يقال: إنّ وجوب الوفاء بآثاره المقصودة من قِبل المتعاقدين يدلّ بالالتزام على نفوذه، إذ لو لم يكن نافذاً لما وجب الوفاء بآثاره من تسليم العوضين ونحو ذلك، ولكنّ الجواب على ذلك هو: أنّ الأمر بالوفاء بالعقود أمرٌ حيثيّ أي بيان لكون العقد بما هو عقد محترماً وواجب الوفاء، فلكي تثبت فعليّة هذا الأمر لا بدّ من ثبوت كون المتعلّق مشروعاً، فلو كان المتعلّق غير مشروع ولذلك لم يجب الوفاء به لم يكن ذلك تخصيصاً في الأمر بالوفاء بالعقد، لأنّ هذا لا ينافي كون العقد من حيث هو عقد محترماً والعقد إذا كان عقد فعل كما لو تعاقدا على الاجتماع في مكان مّا كانت مشروعيّة متعلّقه عبارة عن إباحته، فالتعاقد على الاجتماع في الحرم الشريف نافذ ولكنّ التعاقد على الاجتماع في مجلس المنادمة على مائدة الخمر ليس نافذاً لحرمة متعلّقه. وإذا كان عقد نتيجة كالبيع كانت مشروعيّة متعلّقه عبارةً عن نفوذه فلا يعقل دلالة الأمر بالوفاء بالعقد على النفوذ، لأنّ مشروعيّة المتعلّق يجب أن تكون أمراً مفروغاً عنه مسبقاً. نعم بعد ثبوت نفوذه ومشروعيّته يدلّ الأمر بالوفاء على حرمة مخالفة الآثار وعلى اللزوم. ومن هنا يظهر أيضاً الإشكال في الاستدلال ببعض الإطلاقات الآتية كآية الميثاق أو رواية: المؤمنون عند شروطهم.