بيانات

بيان (91) بيان سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحسينيّ الحائريّ (دام ظلّه الوارف) في الإبادة البشريّة التي تمارس ضدّ المسلمين في ميانمار


بسم الله الرحمن الرحيم

﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما بلغته ممارسات جيش معاوية في مسلمي الأنبار: «لَوْ أَنَّ امْرئً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً مَا كَانَ بِهِ مَلُوماً بَلْ كَانَ بِهِ عِنْدِي جَدِيراً. فَيَا عَجَباً عَجَباً وَاللَّهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الْهَمَّ اجْتِمَاعُ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَتَفَرُّقِكُمْ عَنْ حَقِّكُمْ».

ونحن اليوم حيث بلغتنا أنباء الممارسات البشعة والوحشيّة بحقّ أهلينا في ميانمار نردّد ذات الكلمات التي نقلناها عن أمير المؤمنين (عليه السلام): فَيَا عَجَباً عَجَباً واللَّهِ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَجْلِبُ الْهَمَّ سكوت العالم بأسره عن هذه التعدّيات اللاإنسانيّة من القتل والتهجير الذي طال الآلاف من مسلمي الروهينجيا فضلاً عن سلب أموالهم وحرق دورهم..

ففي الوقت الذي اُعلن فيه عن أسفي وبالغ حزني وعزائي لما يحدث في ميانمار اُوجّه ندائي:

أوّلاً: إلى كافّة المسلمين وأحرار العالم بالوقوف إلى جانب المضطهدين والمشرّدين من مسلمي ميانمار، والمبادرة إلى نجدتهم وإغاثتهم بالضغط وبكافّة الأساليب المتاحة على حكومة ميانمار والعسكر الذي يديرها الآن، وإسماع المنظّمات الإنسانيّة والدوليّة التي صمّت آذانها عن سماع صرخات مضطهدي الروهينجيا، ذلك لوقف عمليّات الإبادة البشرية التي تمارس ضدّهم الآن.

ثانياً: إلى رموز السلطة وقادة العسكر في ميانمار أن لا يظنّوا أنّ طريق إحلال السلم وحلّ معضلة تعدّد القوميّات في ميانمار يمرّ عبر القضاء على القوميّة الروهينجيّة المسلمة وهي تبلغ نسبة مئويّة مرتفعة من مجموع سكّان البلد وخلفها اُمّة مسلمة واعية وشجاعة، فهذه حماقة سيحاسبهم التاريخ عليها وستقتصّ يد العدالة الإلهيّة منهم كما اقتصّت ممّن سبقهم في نفس بلدهم. بل ذلك تأباه تعاليم الديانة البوذية التي يدينون بها ويمارسون بطشهم على أساس منها. وإنّما يكون ذلك بالتعايش السلمي وإحقاق حقوق كافّة الأقلّيّات بمختلف تركيباتها القوميّة والدينيّة.

ثالثاً: ليعلم أهلنا وأبناؤنا المسلمون الذين يتعرّضون اليوم للقتل والتشريد والإبادة في ميانمار... أنّ العالم اليوم حيث يرفع شعارات عريضة في حقوق الإنسان والدفاع عنها يغطّ في سبات عميق تجاه معاناتكم كما كان عليه الأمر تجاه إخوانكم في العراق حيث مارس الاستكبار العالمي أبشع الممارسات اللاإنسانيّة التي راح ضحيّتها الكبار والصغار والرضّع، وذلك مباشرة أو بواسطة أياديهم وعملائهم، ومازال ينزف شعبنا في العراق دماً إثر الجرائم التي ترتكب بحقّه كلّ ليل ونهار. فاصبروا وصابروا برغم شدّة المأساة وعمق المعاناة، وكثرة التضحيات، فإنّ ما تواجهونه بعين اللّه، وهو وليّكم فتوكّلوا على اللّه، واعلموا أنّكم المنصورون وأنّكم الغالبون. ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُون﴾. الأنعام: 135.

ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم.

17 / ذي الحجّة / 1438 هـ

كاظم الحسينيّ الحائريّ