بيانات

بيان (77) بيان المرجع الدينيّ سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحسينيّ الحائريّ «دام ظلّه الوارف» بشأن الاستعانة بالأمريكان في العراق


بسم الله الرحمن الرحيم

قال عزّ وجلّ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعاً * وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدا * وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللّه لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزا عَظِيماً * فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرا عَظِيماً﴾. النساء: ۷۱ ـ ۷٤.

يا أبناءنا في القوّات الشعبيّة الأبيّة ..ويا أبطال الصفا وفرسان الهيجاء.. لقد سطّرتم الانتصارات وتوالت عنكم البطولات في ساحات المواجهة مع العدوّ الإرهابي في الأشهر القليلة المنصرمة... فبوركت تلك السواعد القويّة، وتعاظمت تلك الهمم العالية بما لقّنتم العدوّ الأمريكيّ درساً أعاد على أساسه مجمل حساباته ومخطّطاته في المنطقة، فهو الذي كان يزعم أنّ القضاء على التنظيم الإرهابي في العراق (داعش) يتطلّب سنين من المواجهة، وأثبتّم خطأ تقديراته، وفوّتّم عليه ما كان يدور في مخيّلته تجاه شعبكم ووطنكم. فكونوا على أتمّ يقظة آخذين بأسباب الحذر من رأس الشرّ هذا، الذي ما فتئ يتربّص بشعبكم وبلدكم الدوائر للكيد به والنيل من كرامته، وما حدث في سنيّ احتلاله للعراق من الإجرام والتنكيل خير شاهد على ما نقول، فالحذر مطلوب واليقظة لازمة في يومنا هذا الذي تطرق فيه بعضُ الهمسات مسامعنا من الاستنصار برأس الشيطان، وطلب العون ممّن أذاق بلدنا الأمرّين فترة احتلاله، فأقلّ ما يصدق على هذه الهمسات البيت المعروف:

المستجير بعمرو عند كُربته           كالمستجير من الرمضاء بالنار

فأيّ عاقل وأبيّ الضيم يرتضي أن يستجير بأمريكا رأس الشرّ عند كربته بداعش؟! ويقبل لبلاده وشعبه الهوان، ولقوّاته المسلّحة الشجاعة أن تذلّ بعد تلك البطولات والتضحيات الخالدة.

لذا ومن موقع المسؤوليّة الإسلاميّة الخطرة في الدفاع عن حمى الدين وحرمات المسلمين أقول:

أوّلاً: يجب على شعبنا العراقيّ الشريف الدفاع عن حياض الوطن وحرماته وعن نفسه بنفسه إن لم يكن له ناصرٌ ولا معين.

ثانياً: على علماء العراق الأعاظم وطلبة العلوم الدينيّة الأكارم العمل بواجبهم الشرعيّ في إرشاد الاُمّة إلى ما هو صالحها وضارّها، وتوعيتها على مخطّطات العدوّ الماكر وبدع أذنابه الخبيثة، وما يُضمرونه لبلدنا ويريدونه من شرّ لشعبنا في ضرب وتضعيف مقاومتنا الشجاعة، والتي تمثّل اليوم درع العراق الحصينة. وقد رُوي عن الصادقين عليهما السلام : «إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل سلب نور الإيمان».

ثالثاً: على فصائل المقاومة الأبيّة أبناء المرجعيّة الغيارى أن يكملوا انجازاتهم الخالدة، ويواصلوا تضحياتهم العظيمة بمعونة جيشنا العراقيّ الباسل، وبلا هوادة أو توقّف، حتّى يتمّ النصر النهائيّ على أيديهم المباركة، ولا يعتنوا بمواقف أذناب أمريكا ودعاتها، اُولئك الذين شابهت مواقفهم ما أشارت إليهم الآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعاً * وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ...﴾ أي: من دخلائكم من يتأخّر عن الخروج للقتال لدواع خبيثة شرحتها تتمّة الآية المباركة. بل لابدّ من مواصلة القتال حتّى تحقيق الهدف المقدّس: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾... ـ الأنفال: ۳۹ ـ فشعاركم في هذه المعركة هو: مواصلة القتال حتّى رفع الفتنة عن عراقنا الحبيب.

رابعاً: إنّنا نلفت أنظار المسؤولين إلى حسّاسيّة الموقف من أمريكا وقوّاتها، وننصحهم بترك أيّ استعانة بها فيما يخصّ القتال الدائر على أرض الوطن الجريح، وترك محاولات إقصاء أبنائنا ومقاتلينا في قوّات الحشد الشعبي، كيف لا ومكر الأمريكان وغدرهم قد جرّبته شعوب العالم، وما تجربة الشعب اليمني عنهم ببعيدة، إذ لم يرد إلّا الحياة والعيش الكريم، فما كان من أمريكا وحلفائها في المنطقة إلّا التعامل معه بلغة القتل وتدمير البلاد في ردعه عن مطالبه المشروعة، وقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وآله : «لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين»، وقيل أيضاً: «من جرّب المجرّب حلّت به الندامة».

فيا قومِ ﴿مَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إلّاَ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إلّاَ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾. هود: ۸۸.

۸ / جمادى الآخرة / 14۳٦ هـ

كاظم الحسينيّ الحائريّ