المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

583

والقيم المعنويّة وعظمة الله تعالى تقوى الحجّة عليهم، ويضعف عذرهم لدى الله سبحانه وتعالى، وهذا معنى ما ورد في الحديث عن الصادق(عليه السلام): «... يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل أن يُغفر للعالم ذنبٌ واحد...»(1).

وفي حديث آخر: «أوحى الله تعالى ـ تبارك وتعالى ـ إلى داود(عليه السلام) أنّ أهون ما أنا صانع بعالم غير عامل بعلمه أشدّ من سبعين عقوبة: أن اُخرج من قلبه حلاوة ذكري...»(2).

على أنّ العالم الذي استفاد الآخرون من علمه وهو خالف علمه، شديدُ الحسرة يوم القيامة. وعن الباقر(عليه السلام): أنّه قال لخيثمة: «أبلغ شيعتنا أنّه لا ينال ما عند الله إلاّ بالعمل، وأبلغ شيعتنا أنّ أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثمّ خالفه إلى غيره، وأبلغ شيعتنا أنّهم إذا قاموا بما أُمروا أنّهم هم الفائزون يوم القيامة»(3).

وثالثاً: إنّ كون الإنسان في منصب القيادة بنفسه منزلق للإنسان؛ إذ يعطيه نوعاً من التبختر، ويستوجب حالة التكبر، وعدم الانصياع للحقّ، والنزوع إلى طلب الجاه والجلال، والابتعاد عن الإخلاص؛ ولهذا فهو بحاجة إلى درجة عالية من تربية النفس، وتهذيب الأخلاق، وكمال الإخلاص، كي لا يزول قبال إغراء منصب القيادة، ولا ينزلق في هذا المنزلق الخطير.

 

3 ـ حمل همّ واسع رفيع:

إنّ النفس البشريّة الاعتياديّة لهي ضيّقة لا ترى إلاّ مصالحها الماديّة من ناحية، والشخصية من ناحية أُخرى. وعلى أثر ضيق مساحة المادّة في المصالح


(1) بحار الأنوار 2 / 27.

(2) المصدر السابق: ص 32.

(3) المصدر السابق: ص 29.