المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

582

سبيل الله، وبهدف طلب مرضاة الله، فاستطاع أن يكسر حصناً عظيماً من حصون الطغاة، ويقيم راية الإسلام مرفرفة على بقعة مباركة من أراضي الإسلام.

ثمّ هذا المحفّز وهو القدوة تارةً يبحث من زاوية الشخص الذي يروم تربية نفسه، فيتكلّم في أنّه كيف يستطيع أن يرقى وينمو عن طريق القدوة، وهذا ما فعلناه الآن، وأُخرى يبحث من زاوية نفس القدوة، فيتكلّم في شروط تأثير القدوة في النفوس وكيفيّة أخذه بيد الناس نحو الكمال وتربيتهم الروحيّة.

والواقع: أنّ القدوة لا يستطيع ـ عادةً ـ أن يؤثّر تأثيراً مهمّاً في المجتمع والنفوس في هدايتهم نحو الصلاح، إلاّ إذا كان يفوقهم بدرجات عالية وتفاوت كبير؛ كي يبتعد أوّلا بقدر الإمكان عن النقصين اللذين ذكرناهما في القدوة غير المعصوم، وكي يكون ثانياً بعلوّ مقامه الروحي وسموّه عن المربّى جاذباً له ومصعّداً إيّاه في مرقاة الكمال إلى المثل والقيم العليا.

ووظيفة الحوزة العلميّة بالذات والعلماء بالخصوص في شيعة آل محمّد(صلى الله عليه وآله)عظيمة في هذا المضمار:

فأوّلا: قد نصبوا أنفسهم في أعراف الشيعة منصب قيادة الاُمّة وقدوتها، وفرضوا أنّهم يخطون محلّ خطى الأنبياء والمرسلين، فأقلّ تكاسل أو تساهل في تهذيب النفس عندهم، يؤثّر تأثيره السلبي في المقودين، بل يوجب الانتكاسة عندهم في طريق الصلاح، وأكثر من ذلك قد يوجب سوء ظنّهم بالقادة الحقيقيين، بل بأصل المبدأ والمعاد لا سامح الله.

ومن أسرار شرط العصمة في الأنبياء والأئمّة(عليهم السلام) هو كونهم قادة للاُمّة، ولا تتمّ القيادة الحقيقيّة نحو الكمال بغير العصمة، فلئن لم تشترط العصمة في العلماء الذين هم ورثة الأنبياء وخلفهم الصالح، فلابدّ من شرط ما يتلو العصمة من النزاهة وعلوّ الهمّة وصفاء النفس فيهم؛ كي يكونوا قادرين على أداء الوظيفة.

وثانياً: إنّ الحوزة والعلماء بمقدار اطّلاعهم على الأحكام والأهداف والمفاهيم