المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

580

اللَّهَ كَثِيراً﴾(1)، ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ...﴾(2).

أمّا العصمة المخصوصة بهم(عليهم السلام)، والتي لا يمكننا أن ننالها فإنّما هي: العصمة الإلهيّة المرافقة لشخصيّة المعصوم منذ أوّل وجوده. أمّا الاعتصام الكامل بالله من كلّ ذنب على أثر العمل والتعب والتربية والرياضة النفسانية بطرقها الشرعيّة فكلّ إنسان مؤهّل للوصول إليه.

وثانياً: إنّنا قد نعظّم الفاصل الموجود بيننا وبين المعصوم في الدرجة، فتأخذنا حالة اليأس ونقول: متى نستطيع أن نطوي هذه المسافات الطويلة البعيدة المدى؟! وهذا بخلاف المثل أو القدوة غير المعصوم الذي لا نحسُّ بيننا وبينه بهذا المستوى من الفاصل الطويل، وإن أمكن علاج ذلك في الجملة: بأن يجعل المعصوم مثلا أعلى وقدوة لا بمعنى كون الهدف الوصول إليه كاملا، بل بمعنى السير والاتّجاه نحوه «... ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني...» على أنّ من قويت همّته ورسخت عزيمته وشدّ الرحال للوصول أعانه الله على ذلك ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾(3). ولو أنّ أحداً جمع لنفسه بين القدوتين: المعصومة وغير المعصومة فحسناً فعل.

والمقصود بجعل الشخص قدوة هو: الالتفات والتأمّل في صفاته وأفعاله وأهدافه وآماله وآلامه، كي نكون مثله. فلنقتد ـ مثلا ـ برسول الله(صلى الله عليه وآله) في صلابته في الهدف العقائدي؛ إذ عرضوا عليه كلّ المغريات من المال والملك فقال:

«... لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري، ما أردته، ولكن يعطوني


(1) السورة 33، الاحزاب، الآية: 21.

(2) السورة 60، الممتحنة، الآيتان: 4 و 6.

(3) السورة 29، العنكبوت، الآية: 69.