المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

578

الوقت ذا مشكلة جانبية؛ وذلك لأنّه قد يصبح هذا المثل قيداً على يده، مانعاً عن نموّه أكثر من ذلك فيما لو كان المثل في حدّ ذاته مثالا دانياً وله نهاية. فالمفروض بالإنسان أحد أمرين: إمّا أن يبدل مثله الأعلى بين حين وحين كلّما اقترب منه في العمل أو وصل إليه، وإمّا أن يجعل مثله ممّا لا نهاية له، كأن يكون مثله الأعلى تحصيل رضوان الله تعالى.

 

2 ـ القدوة: ( المثل الأعلى المتجسّد في إنسان )

﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً * قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاء مَلَكاً رَّسُولاً﴾(1). ﴿وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ﴾(2). ﴿وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الاَْسْوَاقِ ...﴾(3).

«... ألا وإنّ لكلّ مأموم إماماً، يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفّة وسداد...»(4).

خُلِقَ الإنسانُ حسّيّاً أكثر منه عقليّاً، فقد لا يحرّكه نحو الصلاح مجرّد اتخاذ مثل أعلى مفهومي بقدر ما يحرّكه اتّخاذ ذلك المثل الأعلى متجسّداً في إنسان، يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق، وهذا المثل الأعلى المتجسّد يكون على


(1) السورة 17، الإسراء، الآيتان: 94 ـ 95.

(2) السورة 6، الأنعام، الآيتان: 8 ـ 9.

(3) السورة 25، الفرقان، الآية: 20.

(4) نهج البلاغة: 573، رقم الكتاب: 45.