المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

577

ويمكن انتخاب المثل الأعلى من بعض الخطب الطوال أيضاً، كأن ينتخب من خطبة المتقين بعض الجمل.

ولا يبعد أن يكون أحد الأهداف من كثير من الآيات والروايات الواردة في توصيف مراحل راقية من الكمال، أو تعريف المتقين، بل وحتّى ما ورد في توصيف الجنّة، هو: تجسيد أمثال عليا، فحتّى جعل المثل الأعلى هو الوصول إلى الجنّة بما يوصف من نعيمها وعيشها وصفائها يحفّز الإنسان نحو الخير والسعادة، وكذلك روايات صفات الشيعة ونحوها قد تكون بهذا الصدد، وذلك من قبيل ما جاء عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين(عليه السلام): «شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابّون في مودّتنا، المتزاورون في إحياء أمرنا. الذين إن غضبوا لم يظلموا، وإن رضوا لم يسرفوا. بركة على من جاوروا، سلم لمن خالطوا»(1).

وكذلك ما عن الصادق(عليه السلام): « إيّاك والسفلة، فإنّما شيعة عليّ(عليه السلام) من عفّ بطنه وفرجه، واشتدّ جهاده وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت أُولئك فأُولئك شيعة جعفر »(2).

وكثير من الروايات الواردة في أبواب مختلفة كباب السفر، أو كتاب الصلاة، أو غير ذلك، قد يكون أحد أهدافها إعطاء مُثل عليا خاصّة بذاك الباب. فبإمكان الشخص أن يصبح مالكاً لمُثل عُليا عديدة كلّ واحد منها لباب من الأبواب.

وهناك نكتة في مسألة تشخيص المثل الأعلى لا ينبغي إغفالها، وهي: أنّ تشخيص المثل الأعلى على رغم كونه نافعاً في التربية، وشأن الإنسان في ذلك شأن معمار يضع نصب عينيه هندسة البيت ومثلا نهائياً عمّا يريده من شكل البيت؛ كي يهتدي في وقت البناء بهدي هذا المثل، إلاّ أنّ هذا التصوير قد يكون في نفس


(1) المحجة البيضاء 4/352.

(2) المصدر السابق: ص 353.