المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

541

2 ـ الجزاء الطبيعي: بمعنى الآثار التكوينيّة الدنيويَّة للأعمال الفاضلة والأفعال القبيحة فإنَّ الصفات الحسنة وأعمالها كثيراً ما تنفع الإنسان، والأوصاف الرذيلة وأفعالها تضرُّه وتجلب المفسدة إليه، فمثلا الإنسان الصدوق الأمين يعيش عزيزاً محترماً بين الناس وموثوقاً لديهم، في حين أنَّ الإنسان الكذوب الخائن على العكس من ذلك تماماً. فهذا النفع وتلك الخسارة جزاء طبيعيّ للإنسان يحفِّزه نحو الخير(1).

إلاّ أنَّ هذا ـ أيضاً ـ غير كاف للتربية عادةً إذ كثيراً ما يتطلَّب الخُلُق الفاضل من الإنسان التضحية بشيء من مصالحه الشخصيَّة، وكثيراً ما تجرُّ الخيانة للإنسان مصلحةً شخصية ونفعاً دنيوياً. على أنَّ المنافع والمضارَّ المترتبة على الفضائل والرذائل، ليس ترتبها عليها ـ دائماً ـ واضحاً في ذهن الناس على مستوى العموم.

3 ـ الجزاء الاجتماعي من معاقبة المعتدي وتأديبه في المحاكم مثلا، أو مدحه أو لومه على أفعاله من قِبل عموم الناس، ومجازاتهم العملية له إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشرٌّ.

وهذا ـ أيضاً ـ لا يكفي؛ لأنَّه:

أوّلا: حين يكون المجتمع فاسداً ينحرف الجزاء الاجتماعي عن الخط الصحيح في كثير من الأحيان.

وثانياً: ما أكثر الخيانات التي لا تجازى بهذا الجزاء لخفائها عن أعين الناس، أو لقوَّة في الخائن تصونه عن الجزاء، أو غير ذلك. وما أكثر التضحيات التي لا تلاقي جزاءها الاجتماعي بالنحو المناسب لها.


(1) وأمَّا ارتياح الإنسان الناشئ من تلبية ما في نفسه من شفقة ونحوها من العواطف الخيِّرة، وتأ ثّره الناشئ من عدم تلبيتها، فإن شئت فألحقهما بالجزاء الخُلُقي، وإن شئت فألحقهما بالجزاء الطبيعي.