المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

433

علم بأنَّه سيُخلف لكان كذباً بالمعنى الأوَّل، ولكنَّ الشخص ربَّما لا يقصد الخُلف حين الوعد، ثُمَّ يبدو له أن يخلف. وهذا الوعد إن كان على مستوى التعاهد والتعاقد فخُلفه حرام بلا إشكال؛ لأنَّ الوفاء بالعقد والعهد واجب. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ...﴾(1).

وقال عزّوجلّ: ﴿... أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾(2).

وإن لم يكن على هذا المستوى، بل كان وعداً ابتدائيَّاً بحتاً، فالمشهور لدى الفقهاء كراهة خلفه وعدم حرمته، ولكن شبهة الحرمة قويَّة لأجل الروايات المشدِّدة في ذلك مع صحّة أسانيد بعضها:

وقد ورد عن شعيب العقرقوفي بسند تام، عن الصادق(عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليفِ إذا وعد»(3).

وعن هشام بن سالم بسند تامٍّ قال: «سمعت أبا عبدالله(عليه السلام) يقول: عدّة المؤمن أخاه نذر لا كفَّارة له. فمَنْ أخلف فبخلف الله بدأ، ولمقته تعرَّض، وذلك قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ﴾»(4).

وعن سماعة بن مهران بسند تامٍّ، عن الصادق(عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مَنْ عامل الناس فلم يظلمهم، وحدَّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، كان ممَّن حَرُمت غيبته، وكملت مروءته، وظهر عدله، ووجبت أخوّته»(5).

وعن منصور بن حازم بسند تامٍّ، عن الصادق(عليه السلام) قال: «إنَّما سُمِّي إسماعيل(عليه السلام)


(1) السورة 5، المائدة: الآية: 1.

(2) السورة 17، الإسراء، الآية: 34.

(3) الوسائل 12 / 165، الباب 109 من أحكام العشرة، الحديث 2.

(4) المصدر السابق: الحديث 3، والآية: 32 في السورة 61، الصف.

(5) الوسائل: 12 / 279، الباب 152 من أحكام العشرة، الحديث 2.