المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

425

النعمة والمفيض الحقيقي هو الله فكيف لا يجب شكر الله سبحانه وتعالى ؟ !

إلاّ إنّ شكره سبحانه وتعالى بالنحو المألوف فيما بين المخلوقين أنفسهم غير معقول. ويمكن بيان ذلك بعدّة تعابير:

1 ـ إنّ الشكر عبارة عن مكافأة المنعم بنعمه، ولا معنى لمكافأته سبحانه وتعالى؛ فإنّه غنيّ عن العالمين، وهو المنعم على الخلق ولا يُنعم عليه، ولا ينفعه شكرنا إيّاه، بل تعود منفعة شكرنا إيّاه إلينا.

2 ـ إنّ الشاكر لو أراد أن ينعم على المنعم بشيء جزاءً لنعمته فعليه أن ينعم عليه بما يملكه، ولا أقلّ من الإنعام عليه بلسانه بالثناء، أو بقلبه بعرفان النعمة وببذل الحبّ، ولكنّا نحن لا نملك شيئاً أمام الله سبحانه كي نبذله إيّاه، فلو شكرناه بلساننا فلساننا مملوك له، ولو شكرناه بقلبنا فقلبنا مملوك له. وليس لنا شيء كي نكافئ الله سبحانه به على نعمه.

3 ـ إن تمكّنّا من الشكر ووُفِّقنا له، فهو نعمة جديدة أنعم الله بها علينا، وبحاجة إلى شكر جديد.

وعن الصادق(عليه السلام): «ما أنعم الله على عبد بنعمة بالغة ما بلغ فحمد الله عليها إلاّ كان حمد الله أفضل من تلك النعمة وأعظم وأوزن»(1).

إذن فشكر الله يجب أن ينتهي إلى أحد معنيين:

1 ـ معرفة العبد: بأنّ هذه النعمة من الله، وبعجزه عن شكره، وإقراره بذلك، وبالثناء عليه تبارك وتعالى برغم غناه عن ثنائنا.

وعن الصادق(عليه السلام): «أوحى الله إلى موسى(عليه السلام): يا موسى اشكرني حقَّ شكري، فقال: يا ربّ كيف أشكرك وليس من شكر أشكرك به إلاّ وأنت أنعمت به عليّ.


(1) المصدر السابق: ص 51.