المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

422

فيه الورود، وعلى ماء جار زلال صاف كالزجاج والمرآة، إلاّ أنّه كان يحتمل وجود كدورة ولو مختصرة عنه في قلب حبيبه وعلى الخصوص نفترض ذاك الحبيب وليّاً لكثير من نعمه وعظيماً في صفاته الخلقيّة والإنسانيّة، ثُمّ تطرأ على لسان هذا الحبيب كلمة تكشف عن رضاه عنه، فتراه يثلج قلبه، ويبرد فؤاده، ويلتذّ برضا حبيبه عنه لذّة تُنسيه كلّ ما كان غائراً فيها من تلك اللذائذ الأُخرى، فكيف بالعبد المؤمن بالقياس إلى الله سبحانه وعلا، علماً بأنّ معرفته بالله في الجنّة لاتقاس بمعرفته به في الدنيا.

وقد ورد في الحديث عن عليّ بن الحسين(عليهما السلام) قال: «إذا صار أهل الجنّة في الجنّة، ودخل وليّ الله إلى جناته ومساكنه، واتّكى كلَّ مؤمن على أريكته، حفّته خدّامه، وتهدّلت عليه الأثمار، وتفجّرت حوله العيون، وجرت من تحته الأنهار، وبسطت له الزرابيّ، ووضعت له النمارق، وأتته الخدّام بما شاءت هواه من قبل أن يسألهم ذلك، قال: ويخرج عليه الحور العين من الجنان، فيمكثون بذلك ما شاء الله، ثُمّ إنّ الجبّار يشرف عليهم، فيقول لهم: أوليائي واهل طاعتي وسكّان جنّتي في جواري ألا هل أُنبّئكم بخير ممّا أنتم فيه ؟ فيقولون: ربّنا وأيّ شيء خير ممّا نحن فيه: فيما اشتهت أنفسنا، ولذّت أعيننا من النعم في جوارك الكريم ؟ ! قال: فيعود عليهم القول فيقولون: ربّنا نعم، فائتنا بخير ممّا نحن فيه، فيقول لهم تبارك وتعالى: رضائي عنكم ومحبّتي لكم خير وأعظم ممّا أنتم فيه، قال: فيقولون: نعم يا ربّنا، رضاك عنّا ومحبّتك لنا خير وأطيب لأنفسنا. ثُمّ قرأ عليّ بن الحسين(عليهما السلام)هذه الآية: ﴿وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْن وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾»(1).


(1) تفسير البرهان 2 / 145.