المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

421

وأيضاً عن الصادق(عليه السلام) بسند صحيح: «إنّ فيما أوحى الله ـ عزّوجلّ ـ إلى موسى بن عمران(عليه السلام): يا موسى بن عمران. ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ من عبدي المؤمن، فإنّي إنّما أبتليه لما هو خير له، وأُعافيه لما هو خير له، وأزوي عنه ما هو شرّ له لما هو خير له. وأنا أعلم بما يصلح عليه عبدي، فليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي، وليرض بقضائي، أكتبه في الصدّيقين عندي إذا عمل برضائي وأطاع أمري»(1).

وأيضاً عن ابن أبي يعفور بسند صحيح، عن الصادق(عليه السلام) قال: «عجبت للمرء المسلم لا يقضي الله ـ عزّوجلّ ـ له قضاءً إلاّ كان خيراً له، وإن قُرِّض بالمقاريض كان خيراً له، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له»(2).

وبعد هذا المرور السريع بقسمي الرضا: ما كان من ثمار حبّ الله عزّوجلّ، وما كان من ثمار العلم بحكمة الله وموافقة تقديره لصالح العبد، يناسب المرّ السريع ـ أيضاً ـ برضوان الله تعالى، والذي هو أكبر من نِعَم الجنّة المادّية بصريح القرآن، والذي هو من الغايات القصوى لأولياء الله العارفين.

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْن وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾(3).

وإن أُريد توضيح الفكرة بمستوى الفهم العادي قلنا: ربّ إنسان يجتمع بحبيبه على مائدة فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذّ الأعين بالمقدار المتصوّر في الموائد الدنيويّة، وفي بستان زاهر أورقت فيه الأشجار وأينعت فيه الأثمار، وازدهرت


(1) المصدر السابق: ص 61 ـ 62، الحديث 7.

(2) المصدر السابق: ص 62، الحديث 8 .

(3) السورة 9، التوبة، الآية: 72.