المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

419

 

 

 

 

الفصل الثالث والعشرون

ا لــر ضــــا

 

روي: إنّ الحسين(عليه السلام) لمّا عزم على الخروج إلى العراق قام خطيباً فقال: «الحمد لله، وما شاء الله، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله، وصلَّى الله على رسوله وسلّم. خُطَّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة. وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع أنا لاقيه، كأ نّي بأوصالي يتقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملأن منّي أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفّينا اُجور الصابرين ...»(1).

قال بعض: إنّ الرضا من أوائل مسالك أهل الخصوص وأشقّها على العامّة(2)ومن هنا يعتقد هذا الباحث: أنّ مقام الرضا أعلى مرتبة من مقام الصبر؛ لأنّه جَعَل الصبر في البحث الماضي من منازل العامّة. والظاهر: أنّ مقصوده بالرضا في المقام هو: الرضا الذي يكون من ثمرات الحبِّ. ونحن وإن لم نوافق فيما مضى على كون الصبر مخصوصاً بالعامّة، ولكن من الصحيح هنا القول بأنّ الرضا مقام فوق مقام الصبر؛ لأنّ الصبر قد يكون صبراً على مضض، ولكنّ الرضا يعني: عدم المضض،


(1) البحار 44 / 366 ـ 367. والظاهر أن الصحيح تقطّعها عسلان الفلوات.

(2) منازل السائرين، قسم الأخلاق، باب الرضا.