المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

400

لأقعدنّ في بيتي، ولأُصلّينّ، ولأصومنّ، ولأعبدنّ ربّي، فأمّا رزقي فسيأتيني، فقال أبو عبدالله(عليه السلام): هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم»(1).

4 ـ ورد عن الوليد بن صبيح قال: «سمعته يقول: ثلاثة تردّ عليهم دعوتهم: رجل رزقه الله مالاً فأنفقه في غير وجهه، ثُمّ قال: يا ربّ ارزقني، فيقال له: ألم أرزقك. ورجل دعا على امرأته وهو لها ظالم، فيقال له: ألم أجعل أمرها بيدك. ورجل جلس في بيته وقال: يا ربّ ارزقني فيقال له: ألم أجعل لك السبيل إلى طلب الرزق ؟ !»(2).

وبعد فقد اتّضح أنّ التوكّل معناه: الاعتماد على الله ـ سبحانه وتعالى ـ في تسيير الأُمور من دون منافاة ذلك لتعاطي الأسباب ولا مطلوبية عدم التعاطي، بل مع مطلوبية تعاطي الأسباب. ومن يدّعي التوكّل مع ترك الأسباب كان كمن يدّعي الرجاء مع ترك التوبة، وفعل المعاصي.

 

ومظاهر التوكّل أُمور أربعة:

أوّلاً: إنّ المتوكّل برغم تعاطيه للأسباب ليس اعتماده القلبي عليها، بل على مُسبِّب الأسباب القادر في أيّ لحظة على أن يحول بيننا وبين الأسباب، أو بين الأسباب وبين تأثيرها ﴿وَاعْلَمُوا أنَّ اللهَ يَحولُ بَيْنَ المرءِ وَقَلْبِهِ ...﴾(3) فكيف لا يحول بين المرء والأسباب، أو بين الأسباب وتأثيرها ؟ ! ووجودنا ووجود الأسباب وتوصّلنا إلى الأسباب وإلى نتائج الأسباب كلّها بافاضة مستمرّة من الله


(1) المصدر السابق 1 / 77.

(2) الكافي 2 / 511، كتاب الدعاء، باب مَنْ لا تستجاب دعوته، الحديث 3. وأمّا قوله: «وهو لها ظالم» فقد فسّره المجلسي(رحمه الله) بأنّه ظالم لها بدعائه عليها؛ لأنّه قادر على التخلص منها بوجه آخر. راجع مرآة العقول 12 / 176.

(3) السورة 8، الانفال، الآية: 24.