المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

399

الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾(1) ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ﴾(2) ونحن نعلم ـ أيضاً ـ أن الشافي هو الله ﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾(3) ولكن هذا لايعني: أ نّني لو لم أسع في سبيل تحصيل الخبز أو لم أراجع الطبيب فبقيت جوعاناً أو مريضاً، أنتظر ـ عندئذ ـ أن يطعمني أو يشفيني، فإنّ إطعامه إيّاي عبارة عن إقداره لي على كسب الخبز، كي اكسب الخبز وآكله، وشفاؤه لي عبارة عن إقداري على مراجعة الطبيب، وتحصيل الدواء، وجعله للشفاء في ذاك الدواء.

وهذا الذي قلناه يتمّ حتّى على المبنى الفاسد القائل بأنّنا مجبورون على الاختيار، أو المبنى الفاسد القائل بالجبر الصريح. فعلى كلِّ حال يكون المتوكّل في تناول الأسباب اختياراً أو جبراً معتمداً على الله، لا على الأسباب التي يكون الله ـ تعالى ـ قادراً على خرقها. ولنذكر لك بعض الشواهد على المقصود من الروايات المروية عن أهل بيت العصمة(عليهم السلام):

1 ـ عن الصادق(عليه السلام): «ليس منّا من ترك دنياه لآخرته، ولا آخرته لدنياه»(4).

2 ـ عن معلّى بن خنيس قال: «سئل أبو عبدالله(عليه السلام) عن رجل وأنا عنده، فقيل له: أصابته الحاجة. قال: فما يصنع اليوم ؟ قيل: في البيت يعبد ربّه. قال: فمن أين قوته ؟ قيل: من عند بعض إخوانه. فقال أبو عبدالله(عليه السلام): والله للّذي يقوته أشدّ عبادة منه»(5).

3 ـ ما ورد عن عمر بن يزيد بسند تام قال: «قلت لأبي عبدالله(عليه السلام): رجل قال:


(1) السورة 51، الذاريات، الآية: 58.

(2) السورة 26، الشعراء، الآية: 79.

(3) السورة 26، الشعراء، الآية: 80 .

(4) من لا يحضره الفقيه 3 / 94، الباب 58، الحديث 3، ورقم التسلسل العامّ للحديث 355.

(5) الكافي 5 / 78، كتاب المعيشة، باب الحث على الطلب والتعرض للرزق، الحديث 4.