المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

380

بطلان عبادة جميع العبّاد ما عدا النادر من المؤمنين كالمعصومين(عليهم السلام) ومن قارب العصمة.

إلاّ أنّ هذا الإشكال له حلّ على مستوى الفقه، وهو ما يقال من أنّ العبادة إنّما تصدر عن المؤمن غير المرائي امتثالاً لأمر الله أو للتقرب إليه، إلاّ أنّ الذي دعاه إلى هذا التقرب أو إلى هذا الامتثال هو الوصول إلى حاجته الدنيوية أو الأُخروية، فبرغم أنّ الهدف النهائي كان عبارة عن تلك الحاجة إلاّ أنّ تلك الحاجة صارت من قبيل الداعي إلى الداعي، والداعي الثاني الطولي هو داع القربة، وهذا كاف في تصحيح العبادة فقهياً.

الدرجة الثانية: أن يكون هدف العامل هو الله سبحانه وتعالى، إلاّ أنّ له هدفاً جانبياً أيضاً، وهو: قضاء الحاجة أو الثواب الأُخروي أو النجاة من النار. ولا شكَّ أنّ هذه الدرجة خير من الدرجة الأُولى، إلاّ أنّه قد يفترض هذا ـ أيضاً ـ ناقصاً نتيجة عدم تمحضه في ذات الله.

الدرجة الثالثة: أن يكون هدفه ـ أيضاً ـ هو الله سبحانه وتحصيل رضاه، ولكن يسهم مع هذا الهدف في الغاية التذاذه برضوان الله وبالتقرب إليه أو الوصول إليه، لا الثواب أو نفي العقاب أو قضاء الحاجة.

الدرجة الرابعة: أن يكون الهدف محضاً هو الله ـ سبحانه وتعالى ـ من دون أيّ نظر ولو جانبي: لا إلى حاجة دنيوية، ولا إلى الثواب والعقاب، ولا إلى التذاذه بعبادة الله وتحصيل رضوانه، أو قربه، أو الوصول إليه؛ وذلك لأنّه قد نسي ذاته، وقطع من نفسه جذور حبِّ الذات، فانحصر ما في نفسه في حبِّ الله تعالى.

إلاّ أنّ هناك اتّجاهاً يقول باستحالة انقطاع حبِّ الذات من النفس، إلاّ بتبدّل هوية الإنسان وحقيقته؛ لأنّ حبّ الذات ذاتيٌ للإنسان(1). والنقل شاهد لهذا


(1) راجع فلسفتنا: 35 ـ 36.