المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

375

خوفاً، وأحسنكم فيما أمر الله به ونهى عنه نظراً، وإن كان أقلّكم تطوّعاً»(1).

وبكلمة أُخرى: إنّ الإخلاص هو روح الأعمال جميعاً؛ لأنّ الله هو الكمال المطلق الذي مَنْ أراده وجده، ولم يتحوّل مقصوده إلى السراب، وذلك بخلاف مَنْ أراد غير الله، فإنّ أيَّ هدف آخر غير الله ناقصٌ، وبتكامل العبد يتّضح له نقصه، أو يصبح لدى الوصول إليه سراباً، أو يلتفت لدى نزع الروح أو بعد الموت إلى كونه سراباً.

وبكلمة ثالثة: إنّ الإخلاص هو سيّد الصفات الفاضلة؛ لأنّه يدعو إلى باقي الصفات؛ لأنّ الذي يخلص لله يريد ما أراده الله، والله قد أراد من عبده الصفات الفاضلة.

وأقلَّ درجات الإخلاص اللازم أن تكون عبادته خالصة لله بالمعنى الفقهي من الخلوص الذي لا ينافي كون الهدف الأخير الداعي له إلى هدف امتثال أمر الله عبارةً عن الوصول إلى الجنّة أو الفرار من النار، أو أيَّ هدف آخر دنيوي أو أُخروي، وأن يترك العبد المناهي على إلاطلاق.

وأقوى درجاته أن يكون إخلاصه في كلِّ شيء، لا في خصوص العبادات بالمعنى المصطلح الفقهي، وأن يكون إخلاصه بمعنى: أن يكون هدفه محضاً هو الله تعالى ورضوانه، لا جنته أو الهرب من ناره، وإن كانت تلك أهدافاً جانبية وحاصلة ضمناً بلطف الله وكرمه، قال الله تعالى: ﴿وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ * فَوَاكِهُ وَهُم مُّكْرَمُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * عَلَى سُرُر مُّتَقَابِلِينَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْس مِن مَّعِين * بَيْضَاءَ لَذَّة لِّلشَّارِبِينَ * لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ * وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ


(1) تفسير «نمونه» 44 / 317.